الخصوصية مؤدى الأصل ترتب على نفس المؤدى وجوب الاكرام. وأما الجهة التي يمتاز عنه فهي أن أثر حرمة الاكرام الذي دل على ذلك دليل المخصص بالمطابقة يترتب على إحراز عدم تلك الخصوصية بعناية نقيضة، إذ الحرمة لم تترتب على نفس عدم تلك الخصوصية، بل رتبت على نقيضه وهو الفسق، وعلى كل حال إذا كان عدم تلك الخصوصية مؤدى الأصل، كما إذا كانت الحالة السابقة لزيد عدم الفسق، فبنفس إحراز عدم تلك الخصوصية بالأصل يترتب عليه وجوب الاكرام وعدم حرمته كما لا يخفى.
ثم إن الأثر المترتب عند عدم إكرام الفاسق العالم من عدم الحرمة، إذا كان دليل المخصص مثبتا لها، وإن كان يترتب على انتفاء الجملة والمركب الذي أخذ في دليل المخصص موضوعا أو متعلقا للحكم، كما إذا لم يتحقق منه إكرام العالم الفاسق بجملته، إلا أنه يترتب أيضا عند انتفاء أحد أجزاء الجملة، لأن المركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه، كما إذا تحقق منه الاكرام ولكن لم يكن المكرم بالفتح عالما أو فاسقا، وعند انتفاء أحد الأجزاء يصدق أيضا انتفاء الجملة والمركب.
إلا أنه إذا كان الشك في انتفاء الجملة مسببا عن الشك في انتفاء الجزء، كما إذا أكرم ما هو مشكوك الفسق، فإن الشك في تحقق إكرام الفاسق منه بهذه الجملة مسبب عن الشك في فاسقية المكرم بالفتح، فلا محالة يكون الأصل الجاري في طرف السبب لو كان مجرى للأصل حاكما على الأصل الجاري في ناحية المسبب، ولا يكون الأصل المسببي معارضا للأصل السببي عند التخالف، ولا معاضدا له عند التوافق. فلو كان منشأ الشك في صدور الجملة منه وهو إكرام الفاسق العادل مسببا عن الشك في فاسقية المكرم الذي هو جزء المركب، وكان فاسقية المكرم مجرى للأصل، بأن كان حالته السابقة الفسق أو عدم الفسق، كان الأصل الجاري في طرف الجزء هو المتبع، ولا تصل النوبة إلى الأصل