وما ورد من أن علي بن الحسين كان ينزع الفر والمأخوذ من أرض العراق في وقت الصلاة، معللا بأن أهل العراق يستحلون الميتة بالدباغ (1). فليس فيه دلالة على خلاف ما ذهب إليه المشهور وإن استدل به صاحب القول الأول، فإن نفس أخذه عليه السلام ولبسه وإن كان في غير حال الصلاة دليل على أنه ما كان يعامل معه معاملة الميتة، بداهة أنه لو كان المأخوذ ممن يستحل الميتة بالدبغ مما لا يحكم عليه بالتذكية وكان بحكم الميتة لما جاز لبسه واستعماله في حال من الأحوال، فنفس استعماله ولو في غير حال الصلاة أقوى شاهد على أنه بحكم المذكى.
وذلك لا ينافي نزعه في حال الصلاة، فإن ذلك كان للتنزيه وشدة الاحتياط لاحراز الواقع الذي ينبغي البناء عليه لكل أحد فضلا عن المعصوم عليه السلام، والاحتياط في الموضوع لا ينافي مرتبة العصمة، فتأمل.
وكذلك لا ينافي ما ذهب إليه المشهور خبر الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر عليه السلام: ما تقول في الفرو نشري من السوق؟ فقال عليه السلام: إذا كان مضمونا فلا بأس (2). وإن استدل به صاحب القول الثاني بناء على حمل الضمان على ضمان البائع، فيدل بمفهومه على عدم جواز الشراء عند عدم ضمان البائع ذكاته، فإن أقصى ما يفيده المفهوم هو ثبوت البأس عند عدم الضمان، وذلك غير صريح ولا ظاهر في المنع عن الشراء، فلا يمكن أن يقاوم ما تقدم من الأدلة الصريحة على جواز الشراء من السوق ولو علم أن البائع كان ممن يستحل الميتة بالدبغ.