باب الاستصحاب.
ثم إنه لا إشكال في عدم جريان الاستصحاب في القسم الأول، للقطع بارتفاع الموضوع. وكذلك لا إشكال في جريان الاستصحاب في القسم الثاني، للقطع ببقاء الموضوع، فلو شك أن التغير هل علة الحدوث فقط حتى تبقى النجاسة عند زواله، أو علة للبقاء أيضا حتى ترتفع بزواله، كان الاستصحاب هو المحكم. وأما القسم الثالث فلا يجري فيه الاستصحاب أيضا، للشك في الموضوع مع أنه يعتبر في باب الاستصحاب القطع ببقائه كما بين في محله.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن مثل جواز الصلاة على الراحلة مع فوت الاستقبال والاستقرار، ومثل أن الشك في الثنائية لا يبطل، ومثل جواز البناء على الأقل والأكثر، وغير ذلك من الأحكام المترتبة على النافلة، حيث إنها كانت أحكاما تسهيلية وجعلها إنما هو لأجل التوسعة فهي إنما تناسب النافلة لأنه يتسامح فيها ما لا يتسامح في الفريضة، فمن القريب جدا أن يكون لوصف التنفل دخل في موضوع هذه الأحكام، لأن مناسبة الحكم والموضوع يقتضي أن تكون جعل مثل هذه الأحكام المبتنية على التسامح والتسهيل إنما هو لأجل النافلة، لخلاف ما يقابلها من الأحكام من عدم جواز الصلاة على الراحلة، وبطلان الشك في الثنائية والثلاثية، ولزوم البناء على الأكثر، وأمثال ذلك من الأحكام المبتنية على التضيق وعدم المسامحة، فإنها تناسب وصف الفرض، فمن القريب أيضا جدا أن يكون لوصف الفرض دخل في مثل هذه الأحكام.
والمنذورة حيث عرض لها وصف الفرض فتناسب أن يلحقها أحكام الفرض، فلو ادعى أحد القطع بأن لوصفي الفرض والنفل دخلا في موضوع هذه الأحكام لما كان مجازفا وكانت دعواه في محله، فيكون المقام من قبيل القسم الأول الذي يكون للوصف العنواني دخل في متعلق الحكم مثل إعط الزكاة الفقير، ففي