استدل به على هذا المطلب من لزوم القبح العقلي مع أنا غير قائلين به، ففيه أن المصنف لم يستدل على ذلك بالحسن والقبح العقلي بالمعنى المتنازع فيه، بل تمسك بغيره من الملائمة والمنافرة والنقص والكمال كما تمسك به الناصب سابقا في الفصل المعقود لبيان تنزيه الأنبياء عن عهر الأمهات ونحوه، ولا ريب في أن الفاضلية والمفضولية من باب الكمال والنقص والملائمة والمنافرة الذي يستقل بإدراكه العقل ويحكم بترجيح أحدهما على الآخر، وأما ما ذكره من أن ما استدل به المصنف من الآية فهو يدل على عدم استواء العالم والجاهل وعدم استواء الهادي والمضل الخ ففيه إغماض وتجاهل عن تتمة الآية وهو قوله تعالى: أمن لا يهدي إلا أن يهدى، فإنه صريح في أن من يحتاج في الهداية إلى أمر إلى غيره لا يليق بالاتباع وهذا هو محط استدلال المصنف بالآية، فصل جل ما ذكره الناصب لغوا لا طائل تحته كما لا يخفى، ولو سلم دلالته على مجرد عدم استواء العالم والجاهل لكن في الاستواء يقتضي العموم كما تقرر في الأصول فيدل على عدم جميع وجوه المساواة فيلزم عدم استواء الجاهل مع العالم في الإمامة أيضا وهو المطلوب، لا يقال: المذكور في الأصول أن نفي المساواة في نفي قوله تعالى: لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة يقتضي العموم، وكلمة من النفي ما هو أعم من المفهوم من كلمة ومعناها، وكلمة هل في قوله تعالى: هل يستوي الذين يعلمون الآية استفهام إنكاري يدل على المبالغة في النفي فضلا عن أصل النفي فافهم، وأما من فصل من الأشاعرة في هذه المسألة بما ذكره الناصب فالظاهر أنه أشار بذلك إلى أن عليا (ع) وإن كان أفضل وأكمل، لكن عساكر قريش وهم الصحابة في ذلك الزمان لم يكونوا ينقادون له لما في قلوبهم من الأضغان الجاهلية والأحقاد البدرية الناشئة من هلاك صناديدهم وأولادهم وإخوانهم بسيفه (ع)، ويؤول حاصل هذا الكلام إلى أنهم لم يستخلفوا عليا مع
(٣٣٣)