اكتفوا في عقد الإمامة بذلك المذكور من الواحد والاثنين كعقد عمر لأبي بكر وعقد
عبد الرحمان بن عوف لعثمان ولم يشترطوا في عقدها اجتماع من في المدينة من أهل الحل والعقد فضلا عن إجماع الأمة من علماء أمصار الاسلام ومجتهدي جميع أقطارها هذا كما مضى ولم ينكر عليهم أحد، وعليه أي وعلى الاكتفاء بالواحد والاثنين في عقد الإمامة انطوت الأعصار بعدهم إلى وقتنا هذا (إنتهى) ومن العجب أن هذا الناصب أخذ جل ما ذكره في هذا القسم من الكتاب من المواقف وشرحه ولم يصل هذا الذي نقلناه إلى نظره، ثم نقول على تقدير أن يكون أهل البيعة أناسا كثيرين لا خفاء في أنهم تابعون لتصرف الشرع فيهم لا تصرف لهم في أنفس غيرهم من آحاد الأمة، وفي أقل مهم من مهماتهم فكيف يولون الغير على أنفس الخلائق منهم ومن غيرهم، فإن من لا يعقل له التصرف في أقل الأمور لأدنى الأشخاص كيف يكون له قدرة على جعل الغير متصرفا في نفوس أهل الشرق والغرب وفي دمائهم وأموالهم وفروجهم، هذا على أن ادعائه النقول المتواترة على دعواه الباطلة المذكورة ينافي ما سيذكره عند ذكر مناقب
علي (ع) من إنكار وجود النقل المتواتر في العالم سوي واحد، وأما ثالثا فلأن قوله: أهل الحل والعقد كانوا ذلك اليوم جماعة الأنصار يدل بظاهر الحصر المفهوم منه على أن عمر وأبا عبيدة الذين كانا عمدة أهل البيعة خارجان عن أهل الحل والعقد غير متصفين بالاجتهاد وهذا إزراء بجلالة قدر الرجلين عندهم كما لا يخفى، ثم استدلاله على هذا الحصر بقوله: لأن المراد من أهل الحل والعقد أمراء العساكر الخ مدخول من وجهين: أحدهما أن تفسير أهل الحل والعقد بأمراء العساكر اختراع من الناصب لا يوجد في شئ من كتب أصحابه ولا غيرهم، وإنما الذي صرح به ابن الحاجب (1) في مختصره والعضد الإيجي (2) في شرحه وغيرهما في غيرهما أن الاجماع اتفاق المجتهدين من أمة
____________________
(1) قد مرت ترجمته (ج 1 ص 170) (2) قد مرت ترجمته (ج 1 ص 47)