قال المصنف رفع الله درجته وأما المعتزلة فإنهم حيث جوزوا صدور الذنب عنهم لزمهم القول بجواز ذلك أيضا، واتفقوا على وقوع الكبائر منهم قبل البعثة كما في قصة إخوة يوسف، فلينظر العاقل بعين الإنصاف هل يجوز المصير إلى هذه الأقاويل الفاسدة والآراء الردية، وهل يبقى مكلف ينقاد إلى قبول قول من كان يفعل به الفاحشة طول عمره إلى وقت نبوته وأنه يصفع ويستهزء به حال النبوة، وهل يثبت بقول مثل هذا حجة على الخلق، واعلم أن البحث مع الأشاعرة في هذا الباب ساقط وأنهم إن بحثوا في ذلك فقد استعملوا الفضول لأنهم يجوزون تعذيب المكلف على أنه لم يفعل ما أمره الله تعالى به من غير أن يعلم ما أمره به ولا أرسل إليه رسولا البتة، بل على امتثال ما أمره به وأن جميع القبائح من عنده تعالى، وأن كل ما هو واقع في الوجود فإنه من فعله تعالى وهو حسن، لأن الحسن هو الواقع والقبيح هو الذي لم يقع، فهذه الصفات المذكورة الخسيسة في النبي وأبويه تكون حسنة لوقوعها من الله تعالى، فأي مانع حينئذ من البعثة باعتبارها، فكيف يمكن للأشاعرة منع كفر النبي وهو من الله وكل ما يفعله تعالى فهو حسن، وكذا أنواع المعاصي وكيف يمكنهم مع هذا المذهب التنزيه للأنبياء، نعوذ بالله من مذهب يؤدي إلى تحسين الكفر وتقبيح الإيمان وجواز بعثة من اجتمع فيه كل الرذائل والسقطات، وقد عرفت من هذا أن الأشاعرة في هذا الباب قد أنكروا الضروريات انتهى.
قال الناصب خفضه الله أقول: استدلال المعتزلة على وقوع الكبائر من الأنبياء قبل البعثة بقصة إخوة يوسف
____________________
(1) ولا يصدر بل هو افتراء محض وسوء الظن بالمسلم