هذا الحديث لكان في ذلك الميزان عيب البتة، لأنه كان رافضيا مجنونا لا يصير كلامه حجة على الأشاعرة، ثم من هذا القبيل أيضا قولهم بجواز تفضيل المفضول في باب الإمامة وتصريحهم بتفضيل أبي بكر على علي (ع) مع روايتهم عن النبي (ص) أنه قال لضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين، اللهم إلا أن يقال: إن أبا بكر ليس من الثقلين، بل نقول: إن تجويزهم تعذيب الله تعالى للأنبياء والأولياء المطيعين وإكرامه للفساق والأشرار العاصين أيضا من باب ترجيح المرجوح كما لا يخفي، فكيف يستبعد منهم تجويز الترجيح بلا مرجح؟ فافهم، وبالجملة مخالفة صريح العقل شأن الأشعري وأصحابه المعزولين عن العقل (الحق خ ل)، فلا وجه لاستدلال الناصب على نفي قولهم بجواز الترجيح بلا مرجح، بكون ذلك مخالفا لاتفاق العقلاء، وأما ما ذكره في جواب الوجه الرابع فمدفوع بأن المصنف قدس سره لم يمنع صحة سوق المقدمات المذكورة في الدليل، وارتباط بعضها ببعض، وتحقق شرائط صورها واستلزامها لما قصده، ومن نفي الاختيار، بل أراد أن مادة المقدمة المذكورة في الدليل بقولهم: لو كان العبد فاعلا لشئ ما بالقدرة والاختيار، فإما أن يتمكن من تركه أو لا، لا يصح بناء على ما أصلوه من أن القدرة لا تصلح للضدين لأن المتمكن من الفعل على هذا الأصل لا يقدر على الترك فيخرج عن أن يكون قادرا فلا يصح توصيفه بالقدرة وإجراء الترديد فيه بأنه إما أن يمكن من الترك أو لا، وهذا نظير ما قيل: من أنه على تقدير نظرية كل من التصورات والتصديقات لا يمكن الاستدلال على بطلان نظريتها، لأن المستدل على الإبطال إن سلم نظرية مقدمات دليله لا يحصل مطلوبه، وإن ادعى بداهة بعضها فهو ينافي التقدير، والقول بأن ما ذكره الناصب من الفرض والترديد بجواز أن يكون على جهة إلزام أهل العدل مخالف لما اشتهر بينهم من كون ذلك الدليل تحقيقا لما ذكره الناصب سابقا من أنه دليل صحيح بجميع مقدماته فتأمل،
(١٠٤)