دب في الفناء سفلا وعلوا * وأراني أموت عضوا فعضوا ذهبت شرتي بجدة نفسي * فتذكرت طاعة الله نضوا ليس من ساعة مضت بي إلا * نقصتني بمرها بي جذوا لهف نفسي على ليال وأيا * م تقضت من قبل لعبا ولهوا وأسانا كل الإساءة يا رب * فصفحا عنا إلهي وعفوا وفي نزهة الألباء رواية ذلك عن محمد بن زكريا وفي تاريخ بغداد بسنده عن محمد بن نافع أو رافع أنه وجدت رقعة تحت وسادته كتبها قبل وفاته وفيها:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة * فلقد علمت بان عفوك أعظم إن كان لا يرجوك إلا محسن * فمن الذي يرجو ويدعو المجرم أدعوك رب كما أمرت تضرعا * فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم ما لي إليك وسيلة إلا الرجا * وجميل عفوك ثم إني مسلم وفي روضات الجنات عن بعض التواريخ حكى الجماز قال دخلت على أبي نواس في مرض موته أعوده فقلت له إتق الله وتب فكم من محصنة قذفت وسيئة اقترفت فقال لي صدقت يا أبا عبد الله ولكنني لا أفعل فقلت ولم قال مخافة أن تكون توبتي على يديك يا ماص بظر أمه وذلك أشد علي من عذاب الله قال ثم إن جماعة دخلوا عليه فقالوا ما أشد ما بك من الألم فقال لهم: الذنوب وأرجو لها المغفرة إنتهى. وفي تاريخ دمشق قال عيسى بن المهدي دخلت على أبي نواس وهو عليل فقلت كيف تجدك فقال:
ينقص مني كل يوم شئ * والجسم مني ثابت وحي والمرء يبلى نشره والطي * وكم عساه أن يدوم ألفي وآخر الداء العياء الكي وقال في مرض موته كما في الديوان وتاريخ دمشق عدى الأخير:
كن مع الله يكن لك * واتق الله لعلك لا تكن إلا معدا * للمنايا فكأنك إن للموت لسهما * واقعا دونك أو بك فعلى الله توكل * وبتقواه تمسك نحن نجري في تراكيب * سكون وتحرك في حلي سوف تبلى * وقيود سوف تفكك وقال في اليوم الخامس من مرضه كما في تاريخ دمشق عن عبدوس رواية أبي نواس:
يا ناظرا يرنو بعيني راقد * ومشاهد للأمر غير مشاهد منتك نفسك ضلة فأبحتها * طرق الحمام وضنت غير مراصد تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجى * درك الجنان بها وفوز العابد ونسيت ان الله أخرج آدما * منها إلى الدنيا بذنب واحد وقال في اليوم السادس كما في الكتاب المذكور عن المذكور: دب في السقام سفلا وعلوا الأبيات الأربعة المتقدمة. قال عبدوس فلما كان في اليوم الثامن جئت لأدخل فلقيني الغلام ومعه رقعة مختومة فسألته عنه فقال أعظم الله أجرك في أبي نواس توفي وقد كان كتب إليك هذه الرقعة قبل موته فقرأتها فإذا فيها:
شعر حي أتاك من لفظ ميت * صار بين الحياة والموت وقفا لو تأملتني وأبصرت وجهي * لم تجد من مثال رسمي حرفا نفس خافت وجسم نحيل * أرمضته الأسقام حتى تعفى فجئت معه إلى منزل أبي نواس فإذا هو قد مات ونظرات فيما خلف فإذا هو مقدار ثلاثمائة درهم وإذا بين مخدتيه رقعة مكتوبة فيها: يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة الأبيات الأربعة المتقدمة. فوقفت حتى جهزناه وصلينا عليه ودفناه. وقال إسماعيل بن نوبخت مات عندي أبو نواس وكان يختلف إليه طبيب اسمه سعيد فدخلت عليه يوما ومعي الطبيب فنظر إليه ثم غمزني بعينه فقام وابتعد فقال لي إن الرجل ذاهب فلما رجعت قال ما ذا قال لك الطبيب فقلت قال لا باس عليه وهو اليوم عندي أصلح فأنشأ يقول:
سألتك بالمودة والجوار * وقرب الدار مع قرب المزار بما ناجاك إذ ولى سعيد * فقد أوحشت من ذاك السرار وفي غير تاريخ دمشق ثم قال وا ندماه على ما فرطت وا سوأتاه مما قدمت ثم أنشد: دب في السقام الأبيات السابقة وقال في مرض موته كما في ديوانه وهو دال على حسن عقيدته:
أراني مع الأحياء حيا وأكثري * على الدهر ميت قد تخرمه الدهر فيا رب قد أحسنت عودا وبدأة * إلي فلم ينهض باحسانك الشكر فمن كان ذا عذر لديك وحجة * فعذري إقراري بان ليس لي عذر وفي حواشي مصباح الكفعمي نقلا عن كتاب لسان المحاضر والنديم وبستان المسافر والمقيم جمع الشيخ علي بن محمد بن يوسف بن ثابت قال روي أن بعضهم دخل على أبي نواس في مرضه الذي توفي فيه فقال له لو أحدثت توبة يغفر لك لله بها فان حدث بك حدث لقيت والله وأنت تائب فحول وجهه إلى الحائط ساعة ثم قال:
يا رب إني لم أزل * كمثل حال السحرة حتى استلاذوا بعرى * الدين وكانوا كفرة فوحدوا يوما وفازوا * بثواب البرارة ولم أزل استشعر * الايمان يا ذا المقدرة فاغفر فاني منك أو * لي منهم بالمغفرة ثم أقام يسيرا فمات فرأيته بعد ذلك في منامي فقلت له ما صنع الله بك فقال غفر لي بالأبيات التي قلتها عند الموت.
قال وروي أنه رئي في المنام بعد موته فقيل له ما فعل الله بك فقال غفر لي ببيتين قلتهما وذكر البيتين. ومما يدخل في هذا الباب ويدل على حسن عقيدته قوله كما في ديوانه:
أيا من ليس لي منه مجير * بعفوك من عذابك أستجير أنا العبد المقر بكل ذنب * وأنت السيد المولى الغفور فان عذبتني فبسوء فعلي * وأن تغفر فأنت به جدير أفر إليكم منك وأين إلا * إليك يفر منك المستجير وصيته في روضات الجنات عن بعض التواريخ لم يسمه انه لما حضرته الوفاة اخذ ورقة وكتب فيها بعد البسملة: هذا ما أوصى به المسرف على نفسه المغتر باجله المعترف بذنبه الحسن بن هانئ وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإن ما جاء به كله حق وعلى ذلك عاش وعليه يموت وإنه