لا يرجو الخلاص إلا بشفاعة محمد ص والاعتراف بذنوبه والثقة بعفو ربه.
وأوصى إلى أبي زكريا القشوري أن يتولى تجهيزه وقضاء دينه ثم مات من يومه إنتهى وفي ديوانه أنه أمر أن يودع هذان البيتان في كفنه: يا رب قد أحسنت البيتان المتقدمان.
ما صنعه بخاتميه عند وفاته في ديوانه يروي أنه صاع خاتمين فنقش على أحدهما يشهد ابن هانئ إن الله أحد وعلى الآخر:
تعاظمني ذنبي فلما قرنته * بعفوك ربي كان عفوك أعظما فلما حضرته الوفاة تختم بهما في يمناه ويسراه إنتهى. وفي تاريخ بغداد قال دعبل الشاعر كان لأبي نواس خاتمان من فضة وخاتم من عقيق مربع عليه مكتوب:
تعاظمني ذنبي فلما قرنته * بعفوك ربي كان عفوك أعظما والآخر حديد صيني مكتوب عليه لا إله إلا الله مخلصا فأوصى عند موته أن تقلع وتغسل وتجعل في فمه.
ما أوصى بكتابته على قبره في تاريخ بغداد بسنده عن أبي جعفر الآمدي قال لما حضر أبا نواس الموت قال اكتبوا هذه الأبيات على قبري:
وعظتك أجداث صمت * ونعتك أزمنة خفت وتكلمت عن أوجه * تبلى وعن صور سبت وارتك قبرك في القبو * ر وأنت حي لم تمت وفي تاريخ دمشق زيادة هذين البيتين:
لا تشمتن بميت * إن المنية لم تمت ولربما انقلب الشمات * فحل بالقوم الشمت هذا ولكن في معاهد التنصيص ما يدل على إن هذه الأبيات لأبي العتاهية لا لأبي نواس حيث قال عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني قال جاء أبو العتاهية ومسلم وأبو نواس يوما إلى أبي فأنشده أبو العتاهية:
وعظتك أجداث صمت * ونعتك أزمنة خفت وارتك قبرك في القبور * وأنت حي لم تمت وتكلمت عن أعين * تبلى وعن صور شتت وحكت لك الساعات * ساعات أتيات بغت فلما كان بعد أيام عاد إليه مسلم وأبو نواس فأنشده مسلم حتى بلغ قوله:
ينال بالرفق ما يعيا الرجال به * كالموت مستعجلا يأتي على مهل فقال أبو عمرو أحسنت إلا أنك أخذت قول أبي العتاهية:
وحكت لك الساعات * ساعات أتيات بغت فهذا صريح في أن الشعر لأبي العتاهية وظاهر ايصاء أبي نواس بكتابته على قبره إنه لم يكن ليوصي بكتابة أبيات أبي العتاهية على قبره وهو أشعر منه فلا بد أن يكون وقع خطا في أحد النقلين وفي نزهة الألباء رئي على قبره مكتوب:
يا كبير الذنب عفو * الله من ذنبك أكبر وفي ديوانه أنه أمر أن يكتب على قبره:
إلا إنما الدنيا عروس وأهلها * أخو دعة فيها وآخر لاعب وذو ذلة فقرأ وآخر بالغنى * عزيز ومكظوظ الفؤاد وساغب وبالناس كان الناس قدما ولم يزل * من الناس مرغوب إليه وراغب وقال وكان ينبغي وضعه في المواعظ والحكم فاخر سهوا:
لدوا للموت وابنوا للخراب * فكلهم يصير إلى ذهاب لمن نبني ونحن إلى تراب * نعود كما خلقنا من تراب ألا يا موت لم أر منك بدا * قسوت فما تكف ولا تحابي كأنك قد هجمت على حياتي * كما هجم المشيب على الشباب وإنك يا زمان لذو صروف * وإنك يا زمان لذو انقلاب وهذا الخلق منك على وفاز * وأرجلهم جميعا في الركاب وموعد كل ذي عمل وسعي * بما أسدى غدا دار الثواب تقلدت العظام من الخطايا * كأني قد آمنت من العقاب ومهما دمت في الدنيا حريصا * فاني لا أوفق للصواب سأسأل عن أمور كنت فيها * فما عذري هناك وما جوابي بآية حجة أحتج يوم الحساب * إذا دعيت إلى الحساب هما أمران فوز أو شقاء * ألاقي حين أنظر في كتابي فاما أن أخلد في نعيم * وأما أن أخلد في عذاب وقال:
سبحان علام الغيوب * عجبا لتصريف الخطوب تعدو على قطف النفوس * وتجتني ثمر القلوب حتى متى يا نفس * تغترين بالأمل الكذوب يا نفس توبي قبل أن * لا تستطيعي أن تتوبي واستغفري لذنوبك * الرحمن غفار الذنوب ان الحوادث كالرياح * عليك دائمة الهبوب والموت شرع واحد * والخلق مختلفو الضروب والسعي في طلب التقى * من خير مكسبة الكسوب ولقلما ينجو الفتى * بتقاه من لطخ العيوب من المكذوب عليه ومن المكذوب عليه بلا شبهة ما في شذرات الذهب عن الحصري إنه قال في كتابه قطب السرور قال ابن نوبخت: توفي أبو نواس في منزلي فسمعته يوم مات يترنم بشئ فسألته عنه فأنشدني:
باح لساني بمضمر السر * وذاك إني أقول بالدهر وليس بعد الممات منقلب * وإنما الموت بيضة العمر والتفت إلى من حوله فقال لا تشربوا الخمر صرفا فاني شربتها صرفا فأحرقت كبدي ثم طفي إنتهى فان هذه الرواية مع تفرد راويها بها يردها ما اتفق عليه الباقون من رواية ضدها عنه علي ان إسماعيل بن نوبخت كان يعادي أبا نواس وقد هجاه أبو نواس باهاج كثيرة مرت في ترجمة إسماعيل فلعله أراد الانتقام منه بما رواه عنه. أما ما رواه الخطيب في تاريخ بغداد بسنده عن الحسن بن أبي المنذر إنهم كانوا في حانة خمار مع أبي نواس قال