هذا كله، مع أنه على فرض التعارض يجب تقديم ما مر، لرجحانه بمخالفة العامة وموافقة المكاتبتين، فإن عدم التقدير مذهب الجمهور كافة، كما صرح به جماعة، منهم: السيد في الانتصار والفاضل في التذكرة (1).
دليل الثالث: الجمع بين الأخبار.
ورد: بأن هذا الجمع مما لا شاهد عليه.
فأجيب: بأن أخبار الجواز قرينة على التجوز في أخبار نفي الجواز.
وفيه: أن هذا يتم لو كان أحدهما نهيا والآخر رخصة، فإن العرف يجعل الآخر قرينة للتجوز في الأول، بخلاف نحو: لا يجوز وجائز، فإنهما متنافيان قطعا.
أقول: حق المحاكمة أن الحسنتين غير دالتين على مطلوب النافين كما ذكر، فبقيت المكاتبتان معارضتين لروايات التقدير.
والحكم بأعمية المكاتبتين غير جيد، لأن الملحوظ في التعارض هو نفس المتعارضين من غير تصرف في أحدهما بواسطة سائر المعارضات الخارجية ولو كان إجماعا.
فلا بد من الرجوع إلى حكم المتعارضين، والمكاتبتان وإن كانتا مرجوحتين بموافقة العامة، ولكنهما راجحتان بالأحدثية وموافقة إطلاق الكتاب، وهما أيضا من المرجحات المنصوصة، فيتكافئان، فيجب الرجوع إلى الأصل والاطلاقات في نفي التقدير، ولكن لما كانت أدلة السنن تتحمل من التسامح ما لا يتحمله غيرها، ويدفع أصل عدم الاستحباب، وتقيد إطلاقاته بالأدلة الضعيفة، فيحكم باستحباب المقدر، للاحتياط، والاجماعات المنقولة (2)، وفتوى العلماء.. بل الرضوي أيضا (3)، لخلوه عن