ثم قال: والعقود: جمع عقد، بمعنى المعقود، وهو أوكد العهود. والفرق بين العهد والعقد: أن العقد فيه معنى الاستيثاق والشد، ولا يكون إلا بين متعاقدين، والعهد قد ينفرد به الواحد. إلى أن قال: (أوفوا بالعقود) أي بالعهود، عن ابن عباس، وجماعة من المفسرين. ثم اختلف في هذه العهود على أقوال:
أحدها: أن المراد بها: العهود التي كان أهل الجاهلية عاهد بعضهم بعضا فيها على النصرة، والمؤازرة، والمظاهرة، على من حاول ظلمهم، أو بغاهم سوءا. وذلك هو معنى الحلف، عن ابن عباس، ومجاهد، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك، والسدي.
وثانيها: أنها العهود التي أخذ الله سبحانه على عباده للإيمان به (١)، وطاعته فيما أحل لهم أو حرم عليهم، عن ابن عباس [أيضا. و] (٢) في رواية أخرى قال: هو ما أحل وحرم، وما فرض، وما حد في القرآن كله (أي: فلا تتعدوا فيه ولا تنكثوا) (٣).
ويؤيده قوله تعالى: (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) إلى قوله تعالى: ﴿سوء الدار﴾ (4).
وثالثها: أن المراد بها: العقود التي يتعاقدها الناس بينهم، ويعقدها المرء على نفسه، كعقد الأيمان، وعقد النكاح، وعقد العهد، وعقد البيع، وعقد الحلف، عن ابن زيد، وزيد ابن أسلم.
ورابعها: أن ذلك أمر من الله سبحانه لأهل الكتاب بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم بالعمل (5) بما في التورية والإنجيل في تصديق نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما جاء به من عند