والظاهر أن تقديمهما على التعقيب لا يخرج التعقيب عن كونه تعقيبا، وأنه لو ثبت استحباب التأخير لكان مستحبا آخر، كما يقتضيه الإطلاقات في جانب التعقيب والسجدتين، ويؤيده ما ورد من تقديم السجدتين على نافلة المغرب، مع ملاحظة ما عرفت من رجحان تقديم النافلة على التعقيب.
ففي صحيحة سعد بن مسلم عن جهم بن أبي جهم قال: رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) وقد سجد بعد الثلاث ركعات من المغرب، فقلت له: جعلت فداك رأيتك سجدت بعد الثلاث، فقال: ورأيتني؟ فقلت: نعم، قال: فلا تدعها فإن الدعاء فيها مستجاب (1).
وفي الاحتجاج عن الحميري عن صاحب الزمان (عليه السلام) انه كتب إليه يسأله عن سجدة الشكر في صلاة المغرب بعد الفريضة أو بعد الأربع ركعات النافلة؟
فأجاب (عليه السلام) إن فضل الدعاء والتسبيح بعد الفرائض على الدعاء بعد النوافل كفضل الفرائض على النوافل، والسجدة دعاء وتسبيح، فالأفضل أن يكون بعد الفرائض، فإن جعلت بعد النوافل أيضا جاز (2).
وفي توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) أيضا أنها بعد الفريضة أفضل (3)، وقد مر رواية رجاء أيضا.
وأما صحيحة حفص الجوهري قال: صلى بنا أبو الحسن علي بن محمد (عليهما السلام) صلاة المغرب فسجد سجدة الشكر بعد السابعة، فقلت له: كان آباؤك يسجدون بعد الثلاثة، فقال: ما كان أحد من آبائي يسجد إلا بعد السابعة (4). وحملها الشيخ في الاستبصار على التقية (5). قيل: ويشعر به قول الكاظم (عليه السلام) في الخبر الأول " ورأيتني ".
أقول: ويشكل ذلك مع ثبوتها عقيب السابعة أيضا، والكل حسن إن شاء الله