عليها غير واضحة.
والمناقشة فيه بعد ما عرفت ظاهرة، لحجية الإجماع المنقول، والرواية المنجبرة باتفاق الطائفة، مع وضوح دلالتها، كما مر إليه الإشارة، مع اعتضادهما بأن اللبن قبل استحالته إلى صورته كان محرما قطعا، لكونه جزء يقينا، فبحرمة الكل يحرم هو أيضا، إذ لا وجود للكل إلا بوجود أجزائه، فتحريمه في الحقيقة تحريم لها، مع أنه قبل الاستحالة دم وهو بنفسه حرام إجماعا. فتأمل جدا.
وإذا ثبت التحريم قبل الاستحالة ثبت بعدها استصحابا للحالة السابقة.
هذا، مع أن اللبن بنفسه جزء أيضا حقيقة، فلا يحتاج في إثبات تحريمه إلى الاستصحاب بالمرة.
ومن هذا يظهر وجه حكمهم بكراهته مما يكره لحمه، ولا ينافيها النصوص الواردة في شيراز الأتن - كالصحيح: هذا شيراز الأتن اتخذناه لمريض لنا، فإن أحببت أن تأكل منه فكل (1) والصحيح: عن شرب ألبان الأتن فقال اشربها (2) والخبر لا بأس بها (3) - فإن غايتها الرخصة في الشرب، ونفي البأس عنه الواردان في مقام توهم الحظر، ولا يفيدان سوى الإباحة بالمعنى الأعم، الشامل للكراهة.
فتأمل الفاضلين المتقدم إليهما الإشارة في التبعية في هذه الصورة أيضا لا وجه له، سيما وأن المقام مقام كراهة، يتسامح في دليلها بما لا يتسامح به في غيرها، فيكتفى فيها بفتوى فقيه واحد فما ظنك باتفاق فتاوى الفقهاء الذي كاد أن يكون إجماعا.
وبالجملة لا إشكال في المسألة بشقيها أصلا، والحمد لله تعالى.
* * *