أولا: بأنه ليس لدينا ما نعبر عنه بالحكم الانشائي، إذ ليس لدينا الانشاء الا الانشاء و الاعتبار العقلائي، وكل منهما ليس هو الحكم الانشائي، إذ الانشاء متصرم الوجود كما عرفت والاعتبار العقلائي هو الحكم الفعلي، فأين هو الحكم الانشائي الذي يدعى ثبوته للمكلفين مع عدم الفعلي.
ثانيا: لو أغمضنا النظر عن هذا الايراد - بان الحكم الانشائي المفروض ثبوته لا يمكن انفكاكه خارجا عن الحكم الفعلي، لما تقدم من انه اما ان ينشأ الحكم بلا تقدير أو مع تقدير، فعلى الأول: يتحقق الحكم الفعلي كما يتحقق الانشائي بمجرد الانشاء. وعلى الثاني: كما لا يتحقق الفعلي عند الانشاء كذلك لا يتحقق الانشائي، وانما يتحققان معا عند تحقق التقدير.
واما بناء على ما ذهب إليه صاحب الكفاية في معنى الانشاء من انه ايجاد المعنى بوجود انشائي يكون موضوعا للاعتبار العقلائي وللآثار (1)، فلا تتوجه عليه الدعوى المتقدمة.
وذلك: لان انشاء الحكم عبارة عن ايجاده بنحو وجود انشائي ويترتب عليه الاعتبار العقلائي.
وعليه، فلا يرد الوجه الأول، إذ لدينا ما نعبر عنه بالحكم الانشائي غير الانشاء والاعتبار العقلائي وهو الوجود الانشائي للحكم، ولا يرد الوجه الثاني، إذ التفكيك بين الوجود الانشائي للحكم والوجود الفعلي الحقيقي ممكن، إذ يمكن أن يكون القيد المأخوذ قيدا للاعتبار والحكم الفعلي دون الوجود الانشائي، فيتحقق الوجود الانشائي قبل القيد ولا يتحقق الفعلي.
نعم، يبقى سؤال وهو: انه ما الأثر في الوجود الانشائي مع عدم الفعلية؟.
وجوابه: ما تقدم من انه يكفي اثرا له، أنه يكون موضوعا للاعتبار * (هامش) (1) الخراساني المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول / 66 - طبعة مؤسسة آل البيت (ع). (*)