والشبهة الحكمية تارة: تنشأ من الشك في قابلية الحيوان للتذكية، فيشك في حليته لذلك، كالحيوان المتولد من الغنم والكلب ولم يلحق أحدهما في الاسم.
وأخرى يعلم بقابليته للتذكية، لكن يشك في حلية أكل لحمه ذاتا كالأرنب مثلا.
والشبهة الموضوعية أيضا كذلك، فتارة يشك في حلية لحم الحيوان لاجل الشك في تحقق التذكية. أخرى يشك فيها لاجل الشك في أنه من لحم حيوان محلل الأكل كالغنم، أو محرمة كالفأر، مع العلم بتحقق التذكية.
ولا يخفى ان البحث في جريان أصالة عدم التذكية في مورد الشك فيها من جهة الشبهة الحكمية يتوقف على أمرين:
أحدهما: عدم وجود عموم أو اطلاق يدل على قبول كل حيوان للتذكية إلا ما خرج بالدليل. وإلا كان هذا العموم متكفلا لاثبات القابلية في مورد الشك، فلا مجال للأصل.
والآخر: ان يفرض كون موضوع حرمة اللحم أمرا عدميا وهو غير المذكى، لا أمرا وجوديا وهو الميتة - بناء على انها أمر وجودي -.
وتوضيح ذلك: ان الأقوال في هذا الباب ثلاثة -.
فقول: بان موضوع الحرمة والنجاسة هو الميتة، وهي أمر وجودي لازم لعدم التذكية.
وقول: بان موضوع الحرمة والنجاسة أمر عدمي، وهو غير المذكى.
وقول: بالتفصيل بين حرمة الأكل، فموضوعها الامر العدمي والنجاسة، فموضوعها الامر الوجودي. وهو المنسوب إلى الشهيد، ولذا حكم بحرمة أكل الحيوان المتولد من حيوانين أحدهما محلل الأكل والاخر محرمه ولم يلحق أحدهما بالاسم، وطهارته. فإذا كان موضوع الحرمة هو الامر الوجودي لم تنفع أصالة عدم التذكية - على تقدير جريانها - في اثبات الحرمة إلا بناء على الأصل المثبت.
فلا بد من فرض الموضوع غير المذكى كي تترتب الحرمة على أصل عدم التذكية