وأما العقل، فقد استدل بوجوه:
الوجه الأول: ما اعتمده الشيخ (رحمه الله) سابقا، وهو إنا نعلم إجمالا بصدور كثير مما بأيدينا من الاخبار المتضمنة للاحكام، ومقتضى هذ العلم الاجمالي لزوم الاحتياط في جميع الاخبار وهو غير ممكن، فلا بد من العمل بمظنون الصدور لأنه أقرب إلى الواقع من غيره.
وقد بين الشيخ (رحمه الله) بتفصيل الوجه في تحقق العلم الاجمالي المذكور، وملخصه هو: ان ملاحظة اهتمام الرواة في رواية الحديث وضبطه والاهتمام في تدوينه والمحافظة علية والتأكد من صحته توجب حصول العلم الاجمالي بصدور كثير من الاخبار التي بأيدينا.
وقد ذكر (قدس سره) شواهد متعددة على الاهتمام والضبط فلاحظها.
وقد استشكل الشيخ (رحمه الله) في هذا الوجه لأسباب ثلاثة:
الأول: ان وجوب العمل بالاخبار الصادرة انما هو لاجل اشتمالها على الأحكام الواقعية التي يجب امتثالها، فالعمل بالخبر الصادر من جهة كشفه عن حكم الله تعالى لا بما أنه خبر.
وعليه، فالعلم الاجمالي بصدور كثير من الاخبار يرجع في الحقيقة إلى العلم الاجمالي بوجود تكاليف واقعية في ضمن هذه الأخبار، والعلم الاجمالي بوجود تكاليف واقعية لا يختص بالاخبار، بل نعلم إجمالا أيضا بوجود التكاليف في ضمن الاخبار وغيرها من الامارات الظنية كالشهرات والاجماعات المنقولة، ومقتضى هذا العلم الاجمالي اما الاحتياط إن أمكن، أو العمل بكل ما يفيد الظن بالحكم الشرعي سواء كان خبرا أم غير خبر، فلا اختصاص للحجية الثابتة بهذا الظن بالخبر.