وينبغي التنبيه على أمور:
التنبيه الأول: أن أصل البراءة إنما يجري فيما إذا لم يكن أصل موضوعي في مورده، لان الأصل الجاري في الموضوع يتقدم على الأصل الجاري في الحكم بالحكومة أو بالورود - على الخلاف في ذلك -، فان الأصل السببي متقدم على الأصل المسببي بلا كلام، وانما البحث في وجه تقدمه وأنه بالحكومة أو بالورود أو غيرهما؟.
وقد حمل المحقق النائيني عبارة الشيخ (1) على إرادة كل أصل حاكم على أصل البراءة ولو كان جاريا في الحكم كالاستصحاب المثبت للتكليف، لأنه يتقدم على البراءة بلا اشكال (2).
وهذا المعنى وإن كان صحيحا في نفسه، إلا أن حمل كلام الشيخ عليه بلا ملزم، لأنه خلاف الظاهر من كلامه، خصوصا وان المثال الذي يدور البحث حوله في المسألة، من قبيل ما إذا جرى الأصل في موضوع الحكم المشكوك، وهو أصالة عدم التذكية.
وعلى كل حال، فأصل المطلب بنحو الكلية معلوم لا كلام فيه.
إنما الكلام في الفرع المذكور في المسألة، وهو ما إذا شك في حلية حيوان لاجل الشك في التذكية، فهل تجري أصالة عدم التذكية، وحينئذ لا مجال لأصالة البراءة، أو لا تجري؟. ولا بأس بتفصيل الحديث فيه لعدم التعرض إليه في غير هذا المحل من الأصول.
وقد ذكر: ان الشبهة تارة تكون حكمية. وأخرى موضوعية.