ثم إنه لا بأس بالتنبيه على شئ، وهو: بيان الفرق بين التبعيض في الاحتياط وحجية الظن على الحكومة، حيث أنكره المحقق النائيني والتزم بان معنى حجية الظن على الحكومة هو التبعيض في الاحتياط (1)، وقد أشار إلى ذلك في بادئ الامر في البحث عن تعريف الأصول حول ما ذكره صاحب الكفاية من القيد الزائد فيه (2).
والظاهر أن الفرق واضح، فان التبعيض في الاحتياط يرجع إلى العمل بالظن في مقام افراغ الذمة عن التكليف المنجز بواسطة العلم الاجمالي. وبتعبير آخر: هو متابعة العلم الاجمالي في بعض أطرافه وهو المظنونات خاصة.
أما حجية الظن، فهي ترجع إلى اثبات التكليف المجهول بواسطة الظن وتنجزه على المكلف بطريقه. والأثر العملي يظهر في جواز الاسناد والاستناد بناء على حجية الظن كسائر الحجج دون التبعيض في الاحتياط. كما يظهر في تقييد المطلقات وتخصيص العمومات المثبتة للتكليف بالظن النافي له بناء على حجية الظن، وليس كذلك بناء على التبعيض في الاحتياط.
نعم، هذا يتم لو فرض ان النتيجة هي العمل بالظن بقول مطلق حتى الظن بعدم التكليف، وإلا لم تظهر الثمرة العملية من هذه الجهة كما لا يخفى.
ثم إنه لا يخفى ان ايقاع البحث في توجيه كون هذا الدليل عقليا وإطالة الكلام في ذلك ليس بذي أهمية وأثر، فاغفال البحث عنه أولى. ويقع الكلام بعد ذلك في اثبات أو نفي كل مقدمة مقدمة.
أما المقدمة الأولى: فقد ذكر في الكفاية بأنها وان كانت بديهية، لكن عرفت انحلال العلم الاجمالي بما في الاخبار الصادرة عن الأئمة الطاهرين