كيفية الجمع بين قاعدتي قبح العقاب بلا بيان ووجوب دفع الضرر المحتمل - لو سلم وجودهما - فنقول: إن قاعدة قبح العقاب بلا بيان واردة على قاعدة دفع الضرر المحتمل، لان موضوع الثانية احتمال الضرر. والأولى تنفي احتماله وتقضي بالجزم بعدمه فيرتفع موضوع الثانية وجدانا.
ومعه لا مجال لتقدم قاعدة دفع الضرر على قاعدة قبح العقاب بلا بيان، لاستلزامه الدور أو التخصيص بلا وجه، كما هو الشأن في كل دليل وارد ودليل مورود كالأصل السببي و المسببي.
فراجع تلك المباحث تطلع على تفصيل الوجه الذي أشرنا إليه.
وهذا المعنى أشار إليه الشيخ (1). واكتفى بذكره صاحب الكفاية (2)، ولم يتعرض لما يرد على هذا البيان من إشكال أشار إليه الشيخ في كلامه ودفعه (3)، مع أنه كان ينبغي أن يذكره ويرده.
وعلى أي حال، فقد يقول القائل: إن ما بين في وجه ورود قاعدة قبح العقاب بلا بيان على قاعدة دفع الضرر المحتمل يتأتى نظيره على العكس.
فيقال: إن موضوع الأولى عدم البيان، والثانية تصلح لان تكون بيانا، فيرتفع بها موضوع الأولى، فكل من القاعدتين رافع لموضوع الأخرى و يتحقق التوارد بين القاعدتين.
وقد ذكر الشيخ (رحمه الله) في مقام دفع هذا الاشكال كلاما مجملا إليك نصه: " ان الحكم المذكور على تقدير ثبوته لا يكون بيانا للتكليف المجهول المعاقب عليه، وإنما هو بيان لقاعدة كلية ظاهرية وإن لم يكن في مورده تكليف في الواقع، فلو تمت عوقب على مخالفتها وإن لم يكن تكليف في الواقع، لا على