ومنها: آية الكتمان، وهي قوله تعالى: (ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون) (1) وتقريب الاستدلال بها: ان حرمة الكتمان تستلزم وجوب القبول عقلا عند الاظهار للزوم لغوية الحرمة لو لم يثبت وجوب القبول.
وأورد عليه في الكفاية: بمنع الملازمة، إذ لا تنحصر فائدة حرمة الكتمان بوجوب القبول تعبدا، بل يمكن ان تكون فائدة حرمة الكتمان وضوح الحق بسبب كثرة من يبينه ويفشيه فيترتب وجوب القبول حيئنذ لحصول العلم بالواقع (2).
وقد أورد عليه الشيخ بما أورده على الاستدلال باية النفر من الوجهين الأولين وهما:
الأول: دعوى إهمال الآية وعدم تعرضها إلى وجوب القبول مطلقا ولو لم يحصل العلم، فيمكن أن يكون المراد ما هو القدر المتيقن منها، وهو لزوم القبول عند حصول العلم.
والثاني: دعوى اختصاص وجوب القبول في الامر الذي يجب إظهاره ويحرم كتمانه، وهو الحق والواقع. بتقريب (3): ان ظاهر الامر ههنا وفي أمثاله كون (1) سورة البقرة: 159.
(2) الخراساني المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول / 300 - طبعة مؤسسة آل البيت (ع).
(3) يختلف ظاهر كلام الكفاية الذي نقلنا عن كلام الشيخ، فان ظاهر الكفاية اشتراط الموضوع بالعلم واقعا، الذي عرفت الاشكال فيه، وان العلم شرط التنجز، اما الشيخ فهو يقصد ان مدلول الآية الكريمة أجنبي عن جعل الحجية، بل المنطوق فيها حيث كان عمل المكلفين بالواقعيات، إذ الظاهر من مثل هذا التركيب ذلك، فإذا قال المولى لشخص: " أخبر فلانا بأوامري لعله يمتثلها " لا يفهم أحد انه في مقام جعل الطريق إلى احكامه، بل في مقام إيصال احكامه بالوصول الواقعي ليعمل بها المكلف.
فمع الشك في أن هذا هو حكمه الواقعي لا يحرز موضوع الحكم، بالقبول، فلا يجب لعدم تنجزه عليه.
وبالجملة: الآية الشريفة كسائر ما ورد في مقام تبليغ الحقائق للناس لا يقصد به الا وصول الناس للحقائق لا جعل الطريق إلى الحقيقة. (منه عفي عنه).