ثم إن تأثير القطع في تنجز التكليف واستحقاق العقاب ليس أمرا ذاتيا قهريا، بل هو امر جعلي عقلائي وذلك لان استحقاق العقاب على المخالفة الواصلة، من باب أنها خروج عن زي الرقية والعبودية، فتكون هتكا للمولى وظلما له، وليس حسن العدل وقبح الظلم - بمعنى استحقاق المدح والذم عليه - من الاحكام العقلية الواقعية، بل من الأحكام العقلائية، وهي ما تطابقت عليه آراء العقلاء لعموم مصالحها وحفظا للنظام.
ويعبر عن ذلك بالقضايا المشهورة في قبال المدركات العقلية الداخلة في القضايا البرهانية. وقد علل عدم دخول هذا الحكم العقلي في القضايا البرهانية، بان مواد القضايا البرهانية منحصرة في الضرويات الست، وهي الأوليات والحسيات والفطريات والتجربيات والمتواترات والحدسيات، وليس حسن العدل وقبح الظلم من أحدها فيتعين أن يكون داخلا في القضايا المشهورة (1).
وبالجملة: يختار (قدس سره) ان استحقاق العقاب امر جعلي من قبل العقلاء، ورتب على ذلك قابلية هذا الحكم للمنع شرعا كسائر مجعولات العقلاء وبناءاتهم.
ولا يخفى ان هذا له أثر كبير في منجزية العلم الاجمالي وامكان جعل الأصول في أطرافه، ولأجل ذلك لا بد من تحقيقه فنقول:
ان ما ذكره من أن الحكم بحسن العدل بمعنى استحقاق المدح عليه والحكم بقبح الظلم بمعنى استحقاق الذم عليه ليس من الاحكام العقلية الداخلة في القضايا البرهانية، بل من الداخلة في القضايا المشهورة التي تطابقت عليها آراء العقلاء وأنظارهم، فيكون حكما مجعولا لا أمرا واقعيا. - ما ذكره بهذا الصدد - غير صحيح، وذلك لان المراد من نظر العقلاء ليس ادراكهم وإلا كان