نعم لو علم أنهم يقولون بأجمعهم بحجية خبر الواحد في الجملة، ثم يختلفون في الخصوصيات المعتبرة فيه، بحيث يكون القول بحجية الخبر الخاص بنحو تعدد المطلوب لا وحدته - لو علم ذلك -، تم ما ذكر ولكن دون اثباته خرط القتاد (1).
الوجه الثاني: اجماع العلماء العملي، بل المسلمين كافة على العمل بخبر الواحد في أمورهم الشرعية.
واستشكل فيه في الكفاية بما استشكل في الوجه الأول، وبأنه لم يعلم ان اتفاقهم على ذلك بما انهم متدينون، بل يمكن أن يكون بما انهم عقلاء (2) فيرجع إلى..
الوجه الثالث: وهو قيام سيرة العقلاء من ذوي الأديان وغيرهم ممن لا يلتزم بدين على العمل بخبر الثقة، واستمرت هذه السيرة إلى زمان المعصوم (عليه السلام) ولم يردع عنه المعصوم، إذ لو كان لاشتهر وبان وعدم الردع يكشف عن تقرير الشارع للسيرة وامضائه لها، فتثبت حجية الخبر في الشرعيات.
وقد يستشكل بأنه يكفي في ثبوت الردع وجود الآيات الكريمة الناهية عن العمل بغير العلم واتباع الظن، كقوله تعالى - في سورة الإسراء (ولا تقف ما ليس لك به علم) وقوله تعالى - في سورة يونس -: (وما يتبع أكثرهم الا ظنا ان الظن لا يغني من الحق شيئا) فإنها بعمومها تشمل هذه السيرة.
ورده صاحب الكفاية بوجوه ثلاث:
الأول: انها واردة لبيان عدم كفاية الظن في أصول الدين.
الثاني: ان المنصرف من اطلاقها إرادة الظن الذي لم يقم دليل على حجيته واعتباره.