الانتقام يلائم القوة الغضبية فالعدل يلائم القوة العقلية.
ومما يشهد لذلك: ان نفرة العقل من الظلم ثابتة ولو لم يرتبط بالإنسان أو بالنظام بأي ارتباط، فمثلا لو سمعنا بان أحدا مثل بغيره ولم يمت لنا ذلك الغير بصلة، وكان تمثيله به في مكان بعيد عن الانظار بحيث لا يوجب الجرأة من الغير، فلا إشكال في حصول التنفر من هذا العمل بحساب العقل لو كان من دون حق وعدم التنفر منه لو كان بحق.
وبالجملة: الذي نلتزم به حكم العقل بحسن العدل وقبح الظلم بمعنى ملائمة الأول ومنافرة الثاني للقوة العاقلة.
والتعبير بحكم العقل، تعبير عرفي على حد التعبير بحكم القوة الغضبية على الانسان بلحاظ ما للقوة من اقتضاء العمل الملائم. وليس المراد ما قد يظهر من بعض العبارات من أن له بعثا وتحريكا وزجرا كاحكام الشارع. فإنه ليس شأن العقل هو البعث والزجر، بل شأنه إدراك الأشياء.
وإذا ثبت حكم العقل بهذا المعنى بحسن العدل وقبح الظلم، فهو يحكم بحسن الإطاعة وقبح المعصية من باب ان المعصية ظلم للمولى والإطاعة عدل، ولكن هذا يثبت مترتبا على ثبوت المولوية والعبودية والاذعان بها ليثبت حق الإطاعة على العبد، فتكون معصيته ظلما، ففي أي مورد ثبت ذلك ترتب عليه الحكم العقلي.
ونتيجة ما ذكرناه: يثبت الأثر الأول الذي ذكره صاحب الكفاية للقطع وهو وجوب متابعة القطع. إذ عدم متابعة القطع معصية للتكليف وقد عرفت أن المعصية ظلم للمولى وهو مما ينافر القوة العقلانية.
واما الأثر الثاني: وهو المنجزية، بمعنى استحقاق العقاب على المخالفة، فهل هو مما يحكم به العقل أو لا دخل للعقل به؟
والتحقيق: انك عرفت حكم العقل - بمعنى ادراكه - بملائمة الإطاعة