واما الثالث: فلعموم آية النبأ، ولا اختصاص لها بالمجتهد، ودعوى: ان من جاءه النبأ هو المجتهد، لا شاهد لها، مع أن أدلة الخبر لا تختص بآية النبأ، كيف؟ ودلالتها غير مسلمة، بل العمدة هي سيرة العقلاء على حجية الخبر، وعدم اختصاصها بالمجتهد واضح. بل ظاهر الخبر الذي يحكي السؤال عن وثاقة يونس بن عبد الرحمن لاجل أخذ معالم الدين منه هو تعميم الحجية لغير المجتهد، لظهور السؤال في كون السائل عاميا، ولذا استدل به على حجية الفتوى. وهكذا الحال فيمن جاءه الخبران المتعارضان، فإنه لا وجه لتخصيصه بالمجتهد. كما لا وجه لتخصيص موضوع الاستصحاب به، لامكان حصول اليقين السابق والشك اللاحق لغيره بالنسبة إلى الحكم الكلي.
وبالجملة: لا وجه لدعوى اختصاص دليل الخبر ونحوه بالمجتهد، سواء كان بلحاظ الحكم الأصولي وهو الحكم بحجية الخبر أو الحكم الفرعي وهو الحكم الذي يتكفله الخبر، بل الحكم الأصولي والفرعي يعم المجتهد والمقلد.
ويتحصل: انه لا وجه لتخصيص المكلف في موضوع التقسيم بالمجتهد، بل هو أعم منه ومن غيره.
ثم إنه لا ظهور لقول صاحب الكفاية: " ان البالغ الذي وضع عليه القلم إذا التفت إلى حكم فعل واقعي أو ظاهري متعلق به أو بمقلديه " (1) في أخذه خصوص المجتهد في موضوع التقسيم، بل يمكن أن يكون نظره إلى تعميم الآثار - في حالات المجتهد - بالنسبة إلى نفسه والى مقلديه لا ان الموضوع هو خصوص المجتهد. إذ قد يشكل في ثبوت الآثار لقطع المجتهد من جهتين:
إحداهما: ان بعض الاحكام التي يلتفت إليها المجتهد موضوعها غير المجتهد، فلا علم له بالحكم الفعلي بالنسبة إليه كاحكام الحيض بالنسبة إلى