وذلك لان الداعي الاخر الذي يكون داعيا للعمل على التقدير الاخر، أعني غير الموافقة لا يكون هو التخلص من التعب، وانما ينحصر في كونه التخلص من تبعة التكليف المعلوم والفرار من العقاب وهذا لا يضر بعبادية العمل كما لا يخفى.
هذا مع أنه لو تنزلنا والتزمنا بمنافاة مثل هذا الداعي للعبادية، فلا بد من الالتزام بالاكتفاء بهذا المقدار من العبادية، إذ أكثر منه غير مقدور، فلو اعتبر الخلوص لزم سقوط التكليف لعدم القدرة على امتثاله، وهو خلف فرض تعلق العلم الاجمالي بالتكليف الفعلي، فنفس العلم بالتكليف يلازم القطع بالاكتفاء بهذا المقدار في مقام الامتثال والا لسقط التكليف فالتفت.
هذا كله في المقام الأول وهو ما استلزم الاحتياط التكرار.
واما المقام الثاني: وهو مما لا يستلزم الاحتياط فيه التكرار فله صور ثلاث:
الأولى: الشبهة البدوية واحتمال تعلق التكليف بعمل معين عبادي.
الثانية: دوران الامر بين الأقل والأكثر.
الثالثة: دوران الجزء بين نحوين، بحيث يستلزم الاحتياط فيه تكرار الجزء كدوران امر القراءة بين الجهر والاخفات - على ما قيل (1) -.
اما الصورة الأولى، فهي كما لو احتمل لزوم الدعاء عند رؤية الهلال بنحو عبادي أو صلاة ركعتين عندها، و تمكن من تحصيل العلم أو الظن الخاص، ولا يخفى انه بناء على نفي جواز الاحتياط فيه يترتب بطلان عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد الذي ذهب إليه البعض.