المحرم المبغوض إليه، فيختص الحديث بالنحو الأول من الاحكام.
وهذا الوجه لا يخلو عن صورة وجيهة.
لكن يمكن أن ينحل الاشكال: بأن ظاهر قوله (عليه السلام): " ما حجب الله علمه " هو ثبوت الحكم في نفسه في الواقع، إذ الحجب متعلق بالعلم به، فإنه ظاهر في أن الحكم له تقرير وثبوت في الواقع. فيراد من الموصول هو الحكم الثابت المجهول، كما أن ظاهر قوله: " فهو موضوع عنهم " أنه في مقابل الوضع عليهم ارفاقا بالعباد وتسهيلا عليهم، وحينئذ فيختص بالاحكام التي تكون قابلة للوضع على العباد فوضعها الله عنهم ارفاقا بهم.
والحكم القابل للوضع على العباد هو الحكم الفعلي الصادر المبين لبعض الناس وإن خفي بعد ذلك، فإنه قابل للوضع الظاهري في حال الجهل بجعل ايجاب الاحتياط.
أما الحكم الانشائي المختص بعلم الله تعالى فقط أو مع النبي والأئمة (عليهم السلام) الذي لم يبين إلى أحد لمصلحة تقتضي ذلك، فليس هذا بقابل للوضع على العباد كي يرفع عنهم، ولا موهم لوضعه عليهم بعد فرض عدم تبليغه وبيانه، لقصور في مقتضيه أو لغير ذلك، ولذا لو تعلق به العلم - فرضا - لا يجب امتثاله واطاعته، بل قد لا يسمى حكما لدى العرف فلا يكون الكلام لديهم ظاهرا في كونه هو المنظور به.
ومع هذا الظهور لا مجال لدعوى الظهور السابق الذي أريد به دفع دلالة الحديث على البراءة. إذن فالحديث من أدلة البراءة، ومقتضى إطلاق الموصول إرادة مطلق الحكم أعم من موارد الشبهة الحكمية وموارد الشبهة الموضوعية.
ومنها: حديث الحل: وهو ما ذكره في الكفاية من قوله (عليه السلام):