الموضوع إذ الشرط هو مجئ الفاسق بالنبأ، ومن الواضح ان عدم التبين عند عدم مجيئه من باب عدم ما يتبين، إذ لا خبر حتى يتبين فيه، فالشرط ههنا من الشرط المسوق لبيان تحقق الموضوع، ولأنه مما يتقوم الموضوع به عقلا بحيث لا يتصور بقاء الموضوع بانتفائه نظير قوله: " ان رزقت ولدا فاختنه " و: " ان ركب الأمير فخذ ركابه "، وقوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا) (1) وغير ذلك من الأمثلة، وقد تقرر في محله ان مثل هذه الشروط لا يثبت لها مفهوم، إذ المفهوم عبارة عن انتفاء الحكم بانتفاء الشرط عن الموضوع الذي ثبت له الحكم عند وجود الشرط. ومن الواضح ان هذا يستدعي أن يكون الموضوع موجودا عند انتفاء الشرط كما كان موجودا في حال وجوده، فإذا فرض ان الشرط كان مقوما للموضوع عقلا كان انتفاؤه ملازما لانتفاء الموضوع فلا مفهوم (2).
ولكن صاحب الكفاية (رحمه الله) خالف الشيخ وذهب إلى ثبوت المفهوم للآية في حد نفسه، وذلك باعتبار انه فرض موضوع الحكم هو النبأ وفرض الشرط هو جهة اضافته للفاسق، ومن الواضح ان الشرط على هذا لا يكون مقوما للموضوع، إذ النبأ كما يضاف إلى الفاسق يضاف إلى غيره، ثم ذكر (قدس سره) انه لو كان الموضوع هو طبيعي النبأ وكان الشرط مجئ الفاسق بنحو يكون المجئ دخيلا في الشرط لم يكن للقضية مفهوم، أو كان مفهوما بنحو السالبة بانتفاء الموضوع (3).
وتحقيق الكلام ان يقال: ان المحتملات الثبوتية في الآية الكريمة ثلاثة:
الأول: أن يكون الموضوع هو خبر الفاسق.