فقد أفاد (قدس سره): أنه بناء على عدم فعلية التكليف إلا بالوصول باعتبار انه عبارة عن جعل ما يمكن أن يكون داعيا، وهو لا يتحقق إلا بالوصول، فلا إشكال في عدم المؤاخذة مع عدم وصول الحكم، إذ لا موضوع لها، لان المؤاخذة انما هي على مخالفة التكليف ولا تكليف مع عدم الوصول.
ولكن هذا لا يمكن أن يكون أساس البراءة العقلية: لان البراءة محل الوفاق، والمبنى المذكور محل خلاف وأنكره الأستاذ (قدس سره)، فلا بد من أن يكون الوجه في البراءة على المسلك المشهور هو أن قبح العقاب بلا بيان - على تقديره - إنما هو لاجل كونه من صغريات الظلم المحكوم بقبحه.
ولا يخفى أن الحكم باستحقاق العقاب في مورده إنما هو لاجل خروج العبد عن زي الرقية الراجع إلى كونه ظالما لمولاه. ومن الواضح ان مقتضى الرقية لا يستلزم الامتثال إلا في صورة قيام الحجة، أما مع عدم قيام الحجة فلا تكون المخالفة خروجا عن زي الرقية ولا تعد ظلما للمولى.
وعليه، فلا يستحق العبد العقاب، فيكون عقابه ظلما وعدوانا وهو قبيح. انتهى موضع الحاجة من كلامه (1).
والكل موضع مناقشة..
أما ما جاء في تقريرات الكاظمي ففيه: انه إنما يصح لو كان المحتمل أو المدعى هو ترتب العقاب على نفس عدم الوصول إذ يقال ان العقاب على أمر خارج عن اختيار المكلف. ولكن الامر ليس كذلك، إذ الكلام في ترتب العقاب على نفس مخالفة التكليف المشكوك، وهو عمل اختياري للمكلف لالتفاته كما هو المفروض. ولم يتعرض لدفع احتمال ترتب العقاب على ذلك، بل هو مغفول عنه في الكلام بالمرة.