هذا تمام الكلام في قاعدة التسامح. وبه ينتهي الكلام عن التنبيه الثاني من تنبيهات مسألة البراءة.
التنبيه الثالث: ذكر صاحب الكفاية (قدس سره): أن النهي عن العمل تارة: يرجع إلى النهي عنه وطلب تركه في زمان أو مكان، بحيث لو وجد الفعل دفعه واحدة لم يتحقق امتثال النهي أصلا. وأخرى: يرجع إلى طلب ترك كل فرد منه على حدة، بحيث يكون ترك تكل فرد إطاعة على حدة، فلو جاء ببعض الافراد وترك البعض الاخر لأطاع وعصى.
فعلى الأول، لابد على المكلف من احراز ترك العمل بالمرة، فإذا شك في فرد أنه من أفراد ذلك العمل أولا، كان مقتضى قاعدة الاشتغال لزوم تركه تحصيلا للفراغ اليقيني. إلا إذا أمكن احراز ترك العمل المنهي عنه - في هذه الحال ومع الاتيان بالمشكوك - بالأصل، وهو استصحاب ترك العمل لو كان مسبوقا بالترك، فيثبت به الامتثال.
وأما على الثاني: فلا يلزم المكلف الا ترك ما علم أنه فرد للعمل. وأما مع الشك في كونه من افراده فأصالة البراءة محكمة (1).
فما أفاده (قدس سره) تفصيل في اجراء البراءة في الشبهة الموضوعية التحريمة.
هذا ولكن مراده من النحو الأول الذي لا يكون مجرى للبراءة لا يخلو عن إجمال، إذ لا يعلم نظره إلى كيفية تعلق النهي وما هو متعلقه؟. ولأجل ذلك وقع الاشتباه في كلمات الاعلام.
وتوضيح الكلام بنحو يرتفع به بضع الاجمال عن مطلب الكفاية هو: ان النهي عن الفعل انما ينشأ بملاك وجود المفسدة فيه، لو التزم بأنه عبارة عن طلب