واما ما ذكره المحقق الأصفهاني تابعا للمحقق الطهراني في أن البعث امر انتزاعي ينتزع عن الانشاء (1)، فهذا مما لا أساس له، وسيأتي التعرض لتحقيق ذلك في غير مجال ان شاء الله تعالى.
ثم إنه ذكر صاحب الكفاية وانه لا مانع من اخذ القطع بمرتبة من مراتب الحكم موضوعا لنفس الحكم في مرتبة أخرى أو لمثله أو ضده. وقبل تحقيق هذه الجهة لا بأس بالتعرض إلى بيان مراتب الحكم وما قيل حول كلام الكفاية، إذ قد تكرر التعرض لها في الكفاية تصريحا وإشارة ولم يسبق منا تحقيق الكلام فيها، فنقول ومن الله نستمد العصمة والتوفيق: ذكر صاحب الكفاية ان للحكم مراتب أربعة:
أولها، أولها مرتبة الاقتضاء وهي أن يكون له شأنية الثبوت بلحاظ وجود المصلحة المقتضية له.
ثانيها: مرتبة الانشاء، وهي ان ينشأ الحكم ويوجد بوجود انشائي بلا ان يصل إلى مرحلة البعث أو الزجر.
ثالثها: مرتبة الفعلية، وهي ان يصل الحكم إلى مرحلة البعث أو الزجر أو الترخيص الفعلي.
رابعها: مرتبة التنجز، وهي أن يكون الحكم مما يعاقب العبد على مخالفته (2).
وقد استشكل المحقق الأصفهاني في حاشيته على الكفاية في عد مرحلة الاقتضاء ومرحلة التنجز من مراحل الحكم، ومنع صحة صدق الحكم الاقتضائي،