اما الثانية: فلان الإرادة وان كانت تنشأ عن العلم والصورة النفسية الا انه انما تنشأ عنه بما أنه طريق إلى الواقع لا بما أن له موضوعية، فان القاطع بوجود الماء انما يتحرك باعتبار انكشاف الواقع لديه لا باعتبار وجود صفة نفسانية بما هي صفة، فالتحرك عن الموجود الخارجي بعد الانكشاف.
واما الثالثة: فلان الإرادة التشريعية والتكليف وان كانت محركة للإرادة التكوينية كحركة المفتاح بحركة اليد، إلا أن حركة الإرادة التكوينية غير مرادة استقلالا وبنحو المعنى الاسمي، بل مرادة تبعا وبنحو المعنى الحرفي، فالمراد هو الفعل الصادر بالإرادة، لأنه هو الذي تترتب عليه المصلحة والمفسدة اللتان هما مناط التكليف.
وبمنع إحدى هاتين المقدمتين يبطل الاستدلال كما لا يخفى.
وببعض اختلاف في بيان أصل الاستدلال ومناقشته جاء هذا المطلب في تقريرات المرحوم الكاظمي (1).
والذي يبدو للنظر عدم خلو ما جاء في كلا التقريرين من مناقشة، ولوضوح بعض ذلك نتعرض أولا إلى ما يمكن به تقريب المدعى ومناقشته، فنقول: الذي يمكن به تقريب دعوى شمول الاطلاقات لعنوان المقطوع هو ان يقال: ان الإرادة لا تتحقق الا بتحقق العلم وهو تمام المؤثر فيها والموضوع لها، وبدونه لا تتحقق الإرادة، وبما أن شأن التكليف تحريك الإرادة التكوينية للعبد وايجادها، كان التكليف ثابتا في فرض العلم، إذ الإصابة وعدمها خارجان عن متعلق التكليف ولا يرتبطان به بأي ارتباط، وانما المرتبط به هو العلم بالواقع سواء أصاب أم لم يصب فحقيقة التكليف حيث إنها طلب الإرادة والاختيار، وهي لا تتحقق الا في فرض العلم، كان العلم مأخوذا في موضوع التكليف ولم يتحقق