زيد فأكرمه "، فان زيدا يمكن فرض وجوده مع انتفاء مجيئه وما يمكن أن يكون بديلا له من درسه وسنه وغير ذلك، فان المجئ ونحوه ليس من مقومات الموضوع، بل هو عوارضه الطارئة عليه، وليس كذلك مجئ الفاسق بالنبأ أو مجئ العادل، فإنه من مقومات وجوده (1). أقول: هذان البيانان اللذان يرتكزان على فرض كون مجئ الفاسق بالنبأ من مقومات الموضوع، لا ينفعان في نفي المفهوم، وذلك إذ لم يرد في آية أو رواية ان الشرط المقوم للموضوع لا مفهوم له كي يتمسك باطلاقه، وانما عرفت ملاكه وهو عدم بقاء الموضوع مع انتفاء الشرط، وإذا فرض ان ملاك عدم المفهوم في موارد الشرط المقوم للموضوع هو هذه الجهة فهي غير متحققة فيما نحن فيه، إذ انتفاء مجئ الفاسق لا يلازم انتفاء الموضوع وهو ذات النبأ لتحققها في ضمن خبر العادل. فلاحظ.
ولكننا وإن لم نتفق مع المحققين المزبورين في هذا البيان، الا اننا نتفق معهما في أصل المدعى وهو عدم المفهوم على هذا التقدير. وذلك لوجهين:
الوجه الأول: ان ما هو عمدة الملاك في ثبوت أصل المفهوم للشرط على تقدير تسليمه لا يتأتى في المقام. بيان ذلك: ان عمدة الملاك هو التمسك باطلاق الشرط بلحاظ تأثيره في الجزاء بقول مطلق سواء قارنه أو سبقه شئ آخر أو لا. وهذا كما قيل يلازم العلية المنحصرة، إذ لو كان غيره شرطا كان التأثير له لو سبقه ولهما أو للجامع بينهما لو قارنه. وهذا ما ينفيه الاطلاق.
ولا يخفى ان هذا المعنى انما يتم لو فرض ان تأثير غير الشرط المذكور في الكلام في تحقق الجزاء ينافي تأثير الشرط المذكور فيه بقول مطلق، اما لو فرض عدم منافاته لذلك، بل كان تأثير غيره في الجزاء لا ينافي تأثيره فيه ولو