والثاني مرتفع بعدم موضوعه، فلا حاجة إلى دليل نفي الحرج، وهذا نظير ما يقال من أن دليل رفع الخطأ لا يتكفل رفع الحكم المختص بحال الخطأ - ككفارة قتل الخطأ -، ولا رفع الحكم المختص بحال العمد - ككفارة قتل العمد، أو الافطار العمدي -، لارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه لا بدليل رفع الخطأ.
وإنما الذي تتكفله هذه القواعد هو رفع الأحكام الثابتة للأشياء بعناوينها الأولية - بحسب أدلتها -، بحيث لا خصوصية للعمد والخطأ ولا للحرج وعدمه في ثبوتها.
وعليه، نقول: ان الفقهاء حملوا عدم وجدان الماء المأخوذ في موضوع وجوب التيمم في الآية على الأعم من عدم الوجدان العقلي والعرفي الذي يتحقق بما إذا كان استعمال الماء حرجيا. كما استظهروا من الآية الكريمة أخذ الوجدان في موضوع وجوب الوضوء، ويراد به الوجدان العرفي، يعني عدم العسر والمشقة في استعمال الماء، فوجوب الوضوء مقيد بعدم تحقق الحرج به، فبناء على هذا الاستظهار المشهور بين الفقهاء لا يكون مجال لتطبيق قاعدة نفي الحرج على نفي وجوب الوضوء، لان ارتفاع وجوب الوضوء عند تحقق الحرج بارتفاع موضوعه، وهو عدم الحرج، ولا يحتاج في بيان نفيه إلى تطبيق القاعدة، نظير عدم شمول رفع الخطأ للحكم الثابت في مورد العمد وعدم الخطأ. فلاحظ.
الثانية: قوله تعالى في سورة البقرة في آية الصوم: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (1). وجهة الاستدلال بها واضحة.
والتحقيق: أن صدر الآية هو قوله تعالى: (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر يريد)، وبعدها قوله تعالى: