وقد استشكل الشيخ فيه: بأنه لا ينفع في المقام، لان الثابت بأدلة الاستصحاب هو ترتب اللوازم الشرعية المجعولة على المستصحب لا غير، والمستصحب هنا إما براءة الذمة من التكليف، أو عدم المنع من الفعل، أو عدم استحقاق العقاب عليه.
ولا يخفى ان المطلوب اثباته في الآن اللاحق - وهو آن الشك - هو القطع بعدم ترتب العقاب على الفعل، أو ما يستلزم القطع، إذ مع عدم تحقق القطع وبقاء احتمال ثبوته احتيج إلى ضميمة حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، ومعه لا يحتاج إلى الاستصحاب وملاحظة الحالة السابقة، لثبوت حكم العقل بمجرد الشك.
ومن الواضح ان المطلوب المزبور لا يترتب على المستصحبات المذكورة، لان عدم استحقاق العقاب ليس من اللوازم المجعولة لأحدها.
نعم، هو مما يترتب على الاذن والترخيص الشرعي وهو أمر مجعول، لكنه - أعني الاذن - ليس من اللوازم الشرعية للمستصحبات المزبورة، بل من المقارنات، من باب ثبوت أحد الضدين عند نفي الاخر (1).
وذكر المحقق الخراساني في حاشيته على الرسائل: ان أساس استشكال الشيخ هو عدم كون العدم قابلا للجعل، لعدم كونه مقدورا.
وأورد عليه: ان القدرة تتعلق بطرفي الوجود والعدم بنحو الارتباط، فإذا كان الوجود مقدورا كان العدم كذلك.
وعليه، فاستصحاب عدم المنع استصحاب لامر مجعول شرعا، فلا حاجة إلى ترتب أثر شرعي عليه، بل يكفي ترتب أثر عملي عليه ولو كان عقليا، لأنه إنما يعتبر أن يكون الأثر شرعيا إذا كان المستصحب أمرا غير مجعول شرعا (2).