الثالثة: ان يشك في حلية اللحم للشك في زوال قابليته للتذكية بعروض عارض كالجلل إذا شك في مانعيته للتذكية، وقد فرض هذه الصورة مما يوجد أصل موضوعي حاكم على أصالة عدم التذكية.
ثم اجرى استصحاب حلية الحيوان بالفري شرائطه الثابتة قبل الجلل فيما بعد الجلل. وهو استصحاب للحكم التعليقي بهذا التصوير كما لا يخفى.
وبعد ان ذكر هذه الصور للشبهة الحكمية، عطف عليها الشبهة الموضوعية، وان الشك فيها تارة: يكون لاجل الشك في تحقق ما يعتبر في التذكية شرعا، كالشك في تحقق التسمية، فأصالة عدم التذكية محكمة. وأخرى: يكون لاجل الشك في طروء ما يعلم مانعيته للتذكية كالشك في تحقق الجلل على تقدير مانعيته، فأصالة قبوله للتذكية محكمة. هذا ما افاده (قدس سره) (1).
وقد عرفت الكلام في الصورة الأولى من صور الشبهة الحكمية وصورتي الشبهة الموضوعية.
أما الصورة الثانية من صور الشبهة الحكمية...
فقد أورد عليه المحقق الأصفهاني بان الخصوصية المفروضة في الحيوان تختلف بحسب الأثر. فتارة: يترتب عليها الطهارة والحلية كما في الغنم. وأخرى:
يترتب عليها الطهارة فقط دون الحلية كما في السباع. وثالثة: يترتب عليها الحلية دون الطهارة كما في السمك، فان ميتته طاهرة، فلا ترتبط الطهارة بتذكيته، وهذا مما يكشف ان الخصوصية المؤثرة في الطهارة غير الخصوصية المؤثرة في الحلية.
وعليه، فالشك في الحلية ينشأ من الشك في ثبوت الخصوصية المؤثرة فيها، وان علم بثبوت الخصوصية المؤثرة في الطهارة، ومعه لا مجال لأصالة الحل، بل تجري أصالة عدم تلك الخصوصية الحاكمة على أصالة الحل كالصورة الأولى.