أما الحكم، فهو معروض الجهل بنفسه كليا كان أو جزئيا، فيشك في وجود حرمة شرب التتن كما يشك في وجود حرمة شرب هذا المائع المشكوك كونه خمرا.
ولعل هذا هو مراد المحقق العراقي الذي نقلناه واستشكلنا فيه (1).
وعلى هذا، فالحديث يعم كلتا الشبهتين الحكمية والموضوعية. فتدبر.
الامر الخامس: مقتضى ما ذكر في تقريب اسناد الرفع الظاهري إلى الحكم، من أن الحكم مرفوع برفع وجوب الاحتياط، لان وضعه في مرحلة الظاهري إنما يكون بجعل الاحتياط، لا يكون الحديث شاملا لموارد العلم الاجمالي، وذلك لان مفاد الحديث - على هذا - هو بيان عدم جعل الحكم ورفعه ظاهرا في فرض يكون ثبوته ظاهرا بيد الشارع بجعله وجوب الاحتياط فيرفعه.
وهو بذلك ينصرف إلى الموارد التي يكون وضع التكليف الظاهري منحصرا بالشارع، وانه هو الذي يضيق على المكلف لو أراد، فينصرف عن موارد العلم الاجمالي الذي يكون الحكم الواقعي فيها منجزا بحكم العقل، فلا ينحصر وجوب الاحتياط بالشارع فيها.
ثم على تقدير تسليم شموله في نفسه لموارد العلم الاجمالي، لا ينفع في نفي الاحتياط العقلي، لان غاية مدلوله ان الشارع لم يجعل وجوب الاحتياط، وهو لا ينافي أصلا تنجز الواقع بطريق آخر وبمقتضى حكم العقل.
ومن هنا، يشكل الامر في جريان البراءة الشرعية في الأقل والأكثر بناء على عدم انحلال العلم الاجمالي فيه كما ذهب إليه صاحب الكفاية (2). لما عرفت من قصور الحديث أو عدم منافاته للاحتياط العقلي الثابت في موارد العلم الاجمالي.