ان الظن بالتكليف لا يستلزم الظن بالضرر على مخالفته.
أما العقوبة، فلانها لا تترتب على مجرد مخالفة التكليف الواقعي، بل هي تترتب على المعصية، وهي لا تحقق إلا إذا كان التكليف منجزا عقلا. إذن فالظن بالتكليف لا يلازم الظن بالعقوبة على مخالفته.
ثم ذكر أنه قد يقال: إن العقل كما لا يستقل بتنجز التكليف بمجرد الظن به لا يستقل بعدم العقاب على مخالفته، فتكون العقوبة محتملة، فيكون المورد من موارد دفع الضرر المشكوك، ودعوى لزومه قريبة جدا.
ولكن هذا القول لو سلم، فهو يرجع إلى إنكار قاعدة قبح العقاب بلا بيان، ولزوم الاحتياط لعدم المعذر، وهو أجنبي عن حجية الظن، بل هو قول بلزوم الاحتياط. وهذا لم يذكره صاحب الكفاية.
وأما المفسدة، فلوجهين:
أحدهما: انكار لزوم تبعية الحكم للمصلحة أو المفسدة في متعلقه، بل يمكن أن يكون تابعا لمصلحة فيه وهي تستوفى بمجرد الجعل.
والاخر: ان التكليف انما ينشأ عن مصلحة أو مفسدة في متعلقه نوعية لا شخصية، ولذا كانت بعض الواجبات تستلزم اضرارا شخصية، كالجهاد والزكاة، كما أن بعض المحرمات تستلزم منافع شخصية، كالسرقة والغصب.
فلاحظ.
الوجه الثاني: انه لو لم يؤخذ بالظن لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو بقبيح.
وأورد عليه: بأنه انما يتم لو فرض عدم قيام الحجة على خلاف الظن، وفرض أيضا لزوم العمل وعدم جواز ترك العمل باجراء البراءة، وفرض أيضا عدم امكان الجمع بين الاحتمالين أو عدم جوازه شرعا، فهذا الدليل يتوقف على تمامية مقدمات الانسداد، وبدونها لا ينهض دليلا على حجية الظن، فيرجع إلى