التخصيص بمعنى رفع اليد عن العموم لا يتحقق بالامضاء بوجوده الواقعي، لأنه من شان الدليل المصادم للعام - نعم، نفس الحكم العام يتضيق ثبوتا بخروج بعض الافراد لكنه لا يرتبط بالتمسك بالدليل الدال على العموم -. اذن فما يصلح للتخصيص وما يتوقف التمسك بالعام على عدمه هو الدليل الدال على الحكم الخاص.
وقد عرفت أن الدليل على الامضاء الذي يمكن ان يفرض ههنا هو القطع به، وعرفت انه معلق على عدم ثبوت الردع، فإذا ورد عام يصلح للرادعية وتحقق احتمال الردع به لم يتحقق القطع بالامضاء قهرا، فلا دليل على التخصيص الواقعي، فكانت أصالة العموم بلا مزاحم، فلا يتحقق حينئذ القطع بالامضاء.
وبعبارة أخرى: ان العمل بأصالة العموم لا يستلزم مخالفة الدليل، إذ يرتفع القطع بالامضاء تكوينا لارتفاع موضوعه، وهو عدم الدليل على الردع، كما هو شأن الوارد بالنسبة إلى المورود.
اما عدم العمل بأصالة العموم، فهو اما أن يكون بلا وجه أو على وجه دائر إذا استند إلى ثبوت الامضاء لأنه - أعني ثبوت الامضاء - يتوقف على عدم العمل بالعموم. فما يقال في تقدم الدليل الوارد على المورود يقال بعينه ههنا.
اذن فالالتزام برادعية الآيات عملا بأصالة العموم لا محذور فيه. وما ادعاه في الكفاية من استلزامه الدور كلام صوري لا حقيقة له كما بيناه بوضوح.
وعليه فيتلخص اشكالنا على الاستدلال بالسيرة في وجهين:
الأول: عدم ثبوت السيرة صغرويا.
الثاني: ثبوت الردع عنها بالآيات الكريمة. فلاحظ.
وقد قرب المحقق الأصفهاني دورية تخصيص الآيات بالسيرة: بان الامر يدور بين ما هو تام الاقتضاء وما هو غير تام الاقتضاء، ولا يمكن ان يتقدم ما