تركها مستقلا، ويصرح بالعقابين. فالمسألة بحسب الثبوت مما لا إشكال فيها.
وأما بحسب الإثبات، فلا اقتضاء من قبل الأمر بالنسبة إلى النهي عن نقيضه وضده العام، سواء كان ضده العام العدمي وهو الترك، أو ضده العام الوجودي، وهو جامع الأضداد الخاصة، أو الضد العام الآخر، وهو أحد الأضداد لا على التعيين.
إن قلت: لو توجه العبد إلى كراهة المولى لشئ كراهة تامة، فعليه الامتثال بالانزجار عنه، ولا نعني هنا من الحرمة المقصودة إلا ذلك.
قلت: نعم، هذا يتم فيما كانت الكراهة الموجودة في نفسها أصلية، لا ترشحية، أي في مثل كراهته لشرب الخمر يجب اتباعها بتركه، ولكن في كراهته لترك الصلاة بعد الأمر بها وإيجاب فعلها فلا، بل هذا متقوم بالإبراز والجعل، كما هو الظاهر.
ومما ذكرناه يظهر ضعف ما أفاده القوم في هذه المسألة، وانحرافهم عن كيفية تقريبها، ويتبين أن مع نص المولى على التحريم يمكن الالتزام بالحرمة، خلافا لما يظهر من بعضهم، وإن لا تعرض في كلامهم لتلك الجهة من البحث، فافهم واغتنم.
وفذلكة الكلام: أن المسألة ذات أقوال متخالفة غايتها، لأن من قائل بالاقتضاء بنحو العينية (1) أو ما يقرب منها (2)، ومن قائل بعدم إمكان تحريم الضد العام (3) ولو تكفل المولى له، والقول العدل هو الوسط، كما عرفت وتبين، بحمد الله، وله الشكر.