جهة العلة المنصوصة المعبر عنه بلحن الخطاب. ومنصوص العلة هو ما إذا كان مساويا، والامر في ذلك سهل إذ يرجع ذلك إلى الاصطلاح. والمقصود في المقام:
هو بيان صورة تعارض العام مع المفهوم الموافق والمساوي الذي هو مورد منصوص العلة، وتعارض العام مع المفهوم المخالف.
فنقول: اما تعارض العام مع المفهوم الموافق، فقد نقل الاتفاق على تقديم المفهوم على العام وتخصيصه به، ولو كانت النسبة بين المفهوم والعام العموم من وجه، من دون لحاظ النسبة بين المنطوق والعام، هذا.
ولكن التحقيق، هو ان يقال: انه في المفهوم الموافق لا يمكن ان يكون المفهوم معارضا للعام من دون معارضة منطوقه، لأنا فرضنا ان المفهوم موافق للمنطوق وان المنطوق سيق لأجل الدلالة به على المفهوم، ومع هذا كيف يعقل ان يكون المنطوق أجنبيا عن العام وغير معارض له؟ مع كون المفهوم معارضا له.
فالتعارض في المفهوم الموافق انما يقع ابتداء بين المنطوق والعام، ويتبعه وقوعه بين المفهوم والعام. ففي مثل قوله: أكرم خدام العلماء، ولا تكرم الفساق، يكون التعارض بين نفس وجوب اكرام خدام العلماء وبين حرمة اكرام الفاسق بالعموم من وجه، ويتبعه التعارض بين المفهوم وهو وجوب اكرام نفس العلماء وبين العام وهو حرمة اكرام الفساق. وكذا في مثل قوله تعالى: " لا تقل لهما أف " مع قوله: اضرب كل أحد، فان قوله: اضرب كل أحد يدل بالأولوية على جواز قول " أف " لكل أحد، فيعارض هذا العام بما له من المفهوم مع قوله " لا تقل لهما أف " ويتبعه المعارضة لمفهوم قوله: " لا تقل لهما أف " وهو حرمة ضرب الأبوين، بالعموم المطلق.
وبالجملة: كلما فرض التعارض بين المفهوم الموافق والعام، فلامحة يكون التعارض بين المنطوق والعام، ولا بد أولا من علاج التعارض بين المنطوق والعام و يلزمه العلاج بين المفهوم والعام.
إذا عرفت ذلك، فنقول: ان التعارض بين المنطوق والعام تارة: يكون بالعموم المطلق مع كون المنطوق أخص، وأخرى: يكون بالعموم من وجه. وما كان