القضية الحقيقية فرض وجود الموضوع، فالخطاب في القضية الحقيقية يعم الغائب و المعدوم بلا عناية.
ودعوى: ان أداة الخطاب موضوعة لخصوص ما يكون موجودا بالفعل في مجلس صدور الخطاب، مما لا شاهد عليها، لأنه إذا أمكن في عالم الثبوت توجيه الخطاب إلى ما سيوجد بعد ذلك على نهج القضية الحقيقية، فعالم الاثبات يكون على طبق عالم الثبوت، ولا موجب لدعوى وضع الأداة لخصوص الافراد الفعلية الحاضرين في مجلس التخاطب. وكان منشأ توهم اختصاص الخطابات الشفاهية بالحاضرين هو تخيل كون القضايا الشرعية من القضايا الخارجية وان ما ورد في الكتاب والسنة من الخطابات انما تكون اخبارات عن أن الاحكام تنشأ بعد ذلك عند وجود الافراد، فيكون لكل فرد خطاب يخصه عند وجوده. وقد تقدم منا فساد ذلك، وان القضايا الشرعية كلها (الا ما شذ) تكون على نهج القضايا الحقيقية، و ح الخطابات تعم المعدومين أيضا.
المبحث الخامس:
لو تعقب العام بضمير يرجع إلى بعض افراده، فهل ذلك يوجب تخصيص العام بخصوص ما أريد من الضمير؟ أو انه لا يوجب ذلك؟ مثاله قوله تعالى: (1) " و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يكتمن ما في أرحامهن " إلى قوله تعالى:
" وبعولتهن أحق بردهن " فان ضمير " وبعولتهن " يرجع إلى خصوص الرجعيات، بقرينة قوله تعالى: " أحق بردهن " والمطلقات في صدر الآية عام للرجعيات وغيرها، لأنه من الجمع المحلى باللام. فيقع البحث حينئذ في أن رجوع الضمير إلى خصوص الرجعيات موجب لتخصيص المطلقات وان المراد منه خصوص الرجعيات فتكون الأحكام المذكورة في الآية السابقة على قوله تعالى: " وبعولتهن " مختصة بالرجعيات، أو انه لا يوجب ذلك، بل المراد من المطلقات الأعم، والاحكام السابقة تكون لمطلق المطلقات.