وجوب المقدمة وليس هذا شرطا في وجوب ذيها، واما ان يكون وجوب ذيها أيضا مشروطا بإرادته. فعلى الأول: يلزم ان يكون وجوب المقدمة مشروطا بشرط لا يكون وجوب ذيها مشروطا به، وهذا ينافي ما قدمناه في الامر الأول، من تبعية وجوب المقدمة لوجوب ذيها في الاطلاق والاشتراط، قضية للتبعية والترشحية.
وعلى الثاني: يلزم إناطة التكليف بشئ بإرادة ذلك الشئ وهو محال، لأنه يلزم ان يكون التكليف به واقعا في رتبة حصوله، لحصول الشئ عند تعلق الإرادة به، فلو تأخر التكليف عن الإرادة - كما هو لازم الاشتراط - يلزم ما ذكرنا: من وقوع التكليف في مرتبه حصول المكلف به.
هذا مضافا: إلى أنه لا معنى لاشتراط التكليف بالإرادة، لان التكليف انما هو بعث للإرادة وتحريكها، فلا يمكن إناطة التكليف بها، لاستلزام ذلك إباحة الشئ، كما لا يخفى.
واما ما اختاره الشيخ: من جعل قصد التوصل إلى ذيها من شرائط وجود المقدمة لا وجوبها، فيكون قصد التوصل من قيود الواجب، فهو يتلو كلام المعالم في الضعف.
والانصاف: ان المحكى عن الشيخ في المقام مضطرب غاية الاضطراب، و لم يتحصل لنا مراد الشيخ (ره) كما هو حقه، فان جملة من كلامه ظاهرة في أن قصد التوصل انما يكون شرطا في وقوع المقدمة على صفة العبادية، بحيث لا تقع المقدمة عبادة الا إذا قصد بها التوصل إلى ذيها. وجملة أخرى من كلامه ظاهرة في أن الواجب هو عنوان المقدمة لا ذات ما يتوقف عليه الشئ بل بوصف كونه مما يتوقف عليه الشئ. وجملة من كلامه ظاهرة فيما ذكرناه: من أن قصد التوصل من قيود الواجب، وانه يعتبر في وقوع المقدمة على صفة الوجوب قصد التوصل إلى ذيها.
ثم إن الا عجب من ذلك، ما فرعه على اعتبار قصد التوصل، من بطلان الصلاة إلى بعض الجهات إذا لم يكن من قصده الصلاة إلى الجهات الأربع فيمن كان تكليفه ذلك، وانه لو صلى إلى بعض الجهات قاصدا للاقتصار عليه فبدا له الصلاة إلى سائر الجهات الاخر فلا يجزيه، الا إذا أعاد ما صلاه أولا. فان تفريع ذلك