يساوى كل لاحق مع نقيضه، فهذه هي الماهية لا بشرط، وهي المعبر عنها بالمطلق كما أوضحناه في محله.
وهذا المعنى من اللا بشرط وبشرط لا غير مقصود في المقام. بل مرادهم من قولهم: ان الفرق بين المشتق ومبدئه، هو ان المشتق اخذ لا بشرط، والمبدء اخذ بشرط لا، انما هو معنى آخر، غير المعنى المذكور في باب المط والمقيد.
وتوضيح المراد في المقام: هو ان العرض لما كان وجوده لنفسه وبنفسه و في نفسه عين وجوده لغيره وبغيره وفى غيره لاستحالة قيام العرض بذاته بل تقرره انما يكون بمحله، فيمكن ان يلاحظ العرض بما هو هو ومع قطع النظر عن عينية وجوده لوجود الموضوع، كما أنه يمكن ان يلاحظ على ما هو عليه من القيام والاتحاد، من دون تجريده وتقطيعه عما هو عليه من الحالة، أي حالة القيام بالغير. فان لوحظ على الوجه الأول كان حينئذ عرضا مباينا غير محمول ويكون ملحوظا بشرط لا، أي بشرط عدم الاتحاد والقيام بالمحل. وان لوحظ على الوجه الثاني كان حينئذ عرضيا متحدا محمولا ويكون ملحوظا لا بشرط، أي لا بشرط عن التجرد والتقطيع، بل لوحظ على ما هو عليه من الحالة من القيام بالموضوع.
والحاصل: انه لا اشكال في أن العرض مط من أي مقولة كان، هو بنفسه من الماهيات الامكانية التي لها حظ من الوجود، ويقابل الجوهر عند تقسيم الممكنات. وكذا لا اشكال في أن قوام تقرر العرض بالموضوع، حيث إنه ليس هو بنفسه متقررا في الوجود كتقرر الجوهر، بل لابد في العرض من أن يوجد في محل و يقوم به ويتحد معه بنحو من الاتحاد، وهو الاتحاد في الوجود، وهذا معنى ما يقال: من أن وجود العرض لنفسه وبنفسه وفى نفسه عين وجوده لموضوعه وبموضوعه وفى موضوعه. وإذا كان الامر كذلك، فتصل النوبة حينئذ إلى التفكيك بين الحيثيتين في مرحلة اللحاظ، فيمكن لحاظه من الحيثية الأولى وذلك لا يكون الا بالتجريد عن عينية وجوده لوجود موضوعه، فيكون عرضا مفارقا غير محمول، إذ التجريد يوجب مباينة وجوده لوجود موضوعه، ومن المعلوم: انه لا يصح حمل أحد المتباينين على الاخر، إذ يعتبر في الحمل نحو من الاتحاد، سواء كان على وجه