فظهر: ان القول بالتركيب لا يلازم القول بالأعم، كما ربما يتخيل، (1) بل قوى ذلك شيخنا الأستاذ مد ظله ابتداء، وان كان قد عدل عنه أخيرا وأفاد: انه لا يمكن القول بالوضع للأعم مط، سواء قلنا بالبساطة، أو قلنا بالتركيب، وان كان الامر على البساطة أوضح، لما عرفت: من أن المشتق بناء على البساطة ليس الا عبارة عن نفس الحدث لا بشرط، واللفظ انما يكون موضوعا بإزاء هذا المعنى، وبعد الانقضاء لم يبق حدث حتى يتوهم كونه حقيقة فيه، كما أنه عند انعدام الصورة النوعية في الجوامد لم يبق ما هو الموضوع له.
ولا يتوهم انه بناء على هذا ينبغي ان لا يصح اطلاق المشتق على ما انقضى عنه المبدء، إذ معنى المشتق لم يبق والذات الباقية أجنبية عن المشتق، فعلى أي وجه يصح اطلاق المشتق على ما انقضى عنه المبدء؟ فان الذات وان لم تكن مأخوذة في المشتق، الا انها لما كانت معروضة للمشتق ومتصفة به في السابق، صح اطلاق المشتق عليها بعلاقة ما كان.
وبالجملة: لا محيص عن القول بوضع المشتق لخصوص المتلبس، ولا يمكن عقلا ان يكون موضوعا للأعم. هذا مضافا إلى وجود علائم الحقيقة والمجاز في المقام، حيث إنه يتبادر خصوص المتلبس عند الاطلاق، ويصح سلب عنوان المشتق عمن انقضى عنه المبدء، فيصح ان يقال: زيد ليس بضارب إذا كان قد انقضى عنه الضرب، ولا ينافي صحة السلب لصحة الحمل، بداهة ان صحة الحمل ليس لمكان جوهر اللفظ، بل بعناية ما كان، بخلاف صحة السلب، فإنه يصح سلب الضارب بما له من المعنى من دون عناية عن زيد الذي لم يكن بضارب فعلا، كما يصح سلب الأسد بما له من المعنى عن الرجل الشجاع، مع صحة حمله عليه أيضا، الا ان صحة الحمل لمكان العناية، بخلاف صحة السلب.