في الوضعيات، وبين ان يكون التكليف أمرا أو نهيا، وبين ان يكون الزاميا أو استحبابيا، فان لا منافاة بين المطلق والمقيد. نعم: ذكر المقيد عقيب المطلق لا بد ان يكون لخصوصية ولو كانت تلك الخصوصية شدة الاهتمام بالمقيد، الا ان ذلك لا يوجب الحمل، فلا منافاة بين قوله: في الغنم زكاة، وبين قوله: في الغنم السائمة زكاة، الا إذا علم من خصوصية المقام ان القيد سيق لبيان التقييد، فيندرج في الأمر والنهي الغيري الذي تقدم ان التقييد فيه لازم الغيرية. هذا إذا كان المطلوب مطلق الوجود.
وأما إذا كان المطلوب صرف الوجود فتارة: يكون أحدهما أمرا والآخر نهيا. وأخرى: يكون كل منهما أمرا أو كل منهما نهيا. فان كان الأول فلا يخلو اما ان يندرج في باب النهى عن العبادة، واما ان يندرج في باب المطلق والمقيد، واما ان يندرج في باب اجتماع الأمر والنهي، واما ان يندرج في باب تعارض العموم من وجه، ويلحق كل باب حكمه. ففي مثل قوله (صل ولا تصل في الحرير) يكون من النهى عن العبادة. وفى مثل قوله (أعتق رقبة ولا تعتق الرقبة الكافرة) يندرج في باب المط والمقيد، ولابد من حمل المطلق على المقيد ولا يحمل النهى على الكراهة، لما تقدم من حكومة أصالة الظهور في المقيد على المط، فظهور النهى في الحرمة يكون مقدما على ظهور المط في الاطلاق. هذا إذا كانت النسبة بين الدليلين العموم المط، كما هو محل البحث. وان كانت النسبة العموم من وجه فيندرج اما في باب اجتماع الأمر والنهي، إذا كانت نسبة العموم من وجه بين نفس متعلق التكليف وهو الفعل والترك المطالب به الصادر من المكلف اختيارا كقوله: صل ولا تغصب، واما في باب التعارض بالعموم من وجه إذا كانت النسبة بين متعلق المتعلق من الموضوعات الخارجية كقوله: أكرم العلماء ولا تكرم الفساق، هذا إذا كان أحد الدليلين أمرا و الآخر نهيا.
وان كان كل منهما أمرا أو نهيا مع كون المطلوب صرف الوجود فتارة:
يكون الحكم الزاميا، وأخرى: استحبابيا. فان كان الزاميا فتارة: يكون الاطلاق والتقييد في كل من الوجوب والواجب، بان كان الوجوب في أحدهما مطلقا وفى