أحدا) فإنه يمكن ان يكون عموم الأحد للاحياء والأموات قرينة على أن المراد من الضرب الأعم من المولم وغيره، ويمكن العكس.
وبالجملة: لا يمكن دعوى الكلية في باب الفعل والفاعل والمفعول به، بل قد يكون الفعل قرينة على الفعول به، وقد يكون المفعول به قرينة على الفعل، الا انه فيما عدى ذلك من المتممات وملحقات الكلام كلها تكون قرينة على ما أريد من أركان الكلام.
وإذا عرفت ذلك فنقول: ان الأصل الجاري في القرينة يكون حاكما على الأصل الجاري في ذيها من غير ملاحظة أقوى الظهورين، كما هو الشأن في كل حاكم ومحكوم. ومن هنا كان ظهور (يرمى) في رمى النبل مقدما على ظهور (أسد) في الحيوان المفترس، وان كان ظهور الأول بالاطلاق والثاني بالوضع والظهور المستند إلى الوضع أقوى من الظهور المستند إلى الاطلاق.
والسر في ذلك: هو ان أصالة الظهور في (يرمى) تكون حاكمة على أصالة الحقيقة في (أسد)، لأن الشك في المراد من (الأسد) يكون مسببا عن الشك في المراد من (يرمى)، وظهور (يرمى) في رمى النبل يكون رافعا لظهور (الأسد) في الحيوان المفترس. فلا يبقى للأسد ظهور في الحيوان المفترس حتى يدل بلازمه على أن المراد من (يرمى) رمى التراب، فان الدلالة على اللازم فرع الدلالة على الملزوم، و ظهور (يرمى) في رمى النبل يرفع دلالة الملزوم.
وبذلك يندفع ما ربما يقال: ان مثبتات الأصول اللفظية حجة، فكما ان أصالة الظهور في (يرمى) تقتضي ان يكون المراد من الأسد هو الرجل الشجاع، كذلك أصالة الحقيقة في الأسد تقتضي ان يكون المراد من (يرمى) رمى التراب، لان لازم أصالة الحقيقة هو ذلك.
توضيح الدفع: هو ان (يرمى) بمدلوله الأولى يقتضى ان يكون المراد من الأسد هو الرجل الشجاع، لان (يرمى) عبارة عن رامي النبل وذلك عبارة أخرى عن الرجل الشجاع. وهذا بخلاف أسد، فإنه بمدلوله الأولى غير متعرض لحال (يرمى) وان المراد منه رمى التراب، بل مدلول الأولى ليس الا الحيوان المفترس.