فرضنا ان موطن وجوب ذي المقدمة الذي هو المهم سابق على مقدمته الوجوبية الذي هو ترك الأهم، فلا يلزم الخلف من وجوب المقدمة الوجوبية.
ولكن مع ذلك لا يعقل ان يكون ترك الأهم واجبا بالوجوب المقدمي، لكفاية الجهتين الأوليين في امتناعه، وهما العمدة لاطرادها في جميع المقدمات الوجوبية واختصاص الجهة الثالثة بالمقدمة السابقة في الزمان على ذيها.
وكان المحقق الرشتي (ره) لم يلتف إلى الجهتين الأوليين، واقتصر على الأخيرة، فأنكر على المحقق صاحب الحاشية الذي أجاب (1) عن اشكال لزوم اجتماع الحكمين المتضادين في ترك الأهم بناء على المقدمية والامر الترتبي بما ذكرنا: من أن ترك الأهم مقدمة وجوبية فلا تجب، بما حاصله: انه لا مانع من وجوب ترك الأهم بالوجوب المقدمي، بعد القول بالتقدير وسبق زمان وجوب المهم على ترك الأهم، لأنه لا يلزم بناء على هذا القول سبق وجوب ذي المقدمة على موطنه. وحيث إن المحقق صاحب الحاشية من القائلين بالتقدير، فأنكر (2) عليه المحقق الرشتي: بأنه يلزمك القول بوجوب ترك الأهم مقدمة لوجود المهم، فيلزم اجتماع الحكمين المتضادين في ترك الأهم. وجعل المحقق الرشتي هذا هو المانع عن الامر الترتبي، وكانه سلم ان الامر الترتبي لا مانع عنه سوى ذلك، وتخيل ان هذا المانع مما لا دافع عنه. وأنت خبير بأنه لو انحصر المانع عن الامر الترتبي بذلك فالامر فيه هين، لأنه أولا مبنى على التقدير الذي قد تقدم فساده بما لا مزيد عليه، وثانيا ان المانع عن وجوب المقدمة الوجوبية لا ينحصر بالجهة الثالثة، بل الجهتان الأوليان هما العمدة في المنع، فترك الأهم لا يعقل ان يجب بالوجوب المقدمي، حتى يجتمع فيه الحكمان المتضادان. فتحصل: انه لا مانع من الامر الترتبي، حتى بناء على اقتضاء الامر بالشئ للنهي عن ضده من جهة المقدمية، فتأمل جيدا.