المقام ليس عن امكان الاجتماع وامتناعه، حتى يكون البحث عن مسألة كلامية، حيث إن علم الكلام هو المتكفل لبيان حقايق الأشياء من واجباتها وممكناتها و ممتنعاتها. وكان توهم، كون المسألة كلامية نشأ عن ظاهر العنوان، حيث إن ظاهره يعطى كون البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي وامتناعه، فتخيل كون البحث راجعا إلى مسألة كلامية، الا انه قد تقدم ان البحث في المقام راجع إلى أصل الاجتماع وعدمه، لا إلى جوازه وامتناعه.
وكذا ليس البحث في المقام راجعا إلى صحة الصلاة في الدار الغصبية و عدم الصحة أو حرمتها وعدم الحرمة حتى تكون المسألة فقهية، فان جهة البحث ليست ذلك، وان كانت النتيجة تنتهي بالآخرة إلى ذلك، الا ان مجرد ذلك لا يكفي في كون المسألة فقهية ما لم تكن الجهة المبحوث عنها مما تتعلق بفعل المكلف بلا واسطة، وذلك واضح.
واما عدم كون المسألة من المسائل الأصولية، فلان البحث فيها وان كان راجعا إلى باب الملازمات العقلية للخطابات الشرعية، كالبحث عن مقدمة الواجب، واقتضاء الامر بالشئ للنهي عن ضده - وان كان الفرق بين المسألة وتلك المسائل، هو ان البحث في تلك المسائل عن لازم خطاب واحد، وفى هذه المسألة عن لازم خطابين أعني خطاب الامر وخطاب النهى - الا ان مجرد ذلك لا يكفي في كون المسألة أصولية ما لم تكن الكبرى المبحوث عنها بنفسها واقعة في طريق الاستنباط، بحيث تصلح ان تكون كبرى لقياس الاستنباط ويستنتج منها حكم كلي فقهي.
والكبرى المبحوث عنها في المقام لا تصلح ان تكون كبرى لقياس الاستنباط، فان الكبرى المبحوث عنها انما هي اقتضاء اتحاد المتعلقين من حيث الايجاد والوجود و تعلق كل من الأمر والنهي بعين ما تعلق به الآخر. وهذا كما ترى يكون بحثا عن صغرى التعارض. وفى المقام الثاني أعني كفاية المندوحة يكون بحثا عن صغرى التزاحم، فتكون المسألة من مبادئ مسائل التعارض والتزاحم. فان حقيقة البحث في المقام، يرجع إلى البحث عما يقتضى تعارض الأمر والنهي - في مورد الاجتماع و اتحاد المتعلقين من حيث الايجاد والوجود - وعدم ما يقتضى تعارضهما، أو تزاحم