التي يكون المكلف بها شخصا خاصا، ومع ذلك يسقط بفعل الغير استنابة أو تبرعا، فقولنا في المقام: انه لا يعتبر فيه صدوره عن المكلف لا يلازم كونه واجبا كفائيا، بل التكليف بالنسبة إلى جهة جواز الاستنابة يكون على وجه التخيير، ويكون نتيجة التكليف بعد قيام الدليل على جواز الاستنابة فيه هو التخيير بين المباشرة والاستنابة لان الاستنابة أيضا فعل اختياري للشخص قابلة لتعلق التكليف بها تخييرا أو تعيينا، ومعلوم ان التخيير على هذا الوجه انما يكون شرعيا لا عقليا، إذ ليس هناك جامع قريب عرفي حتى يكون التخيير عقليا.
وبعبارة أخرى: ليس هناك جامع خطابي بين المباشرة والاستنابة، وما لم يكن في البين جامع خطابي لا يكون التخيير عقليا وان كان هناك جامع ملاكي، فان مجرد وجود الجامع الملاكي لا يكفي في التخيير العقلي.
وبعبارة ثالثة: يعتبر في التخيير العقلي ان تكون افراد التخيير مندرجة تحت حقيقة واحدة عرفية، كالانسان بالنسبة إلى افراده، ولا يكفي في التخيير العقلي الاشتراك في الأثر مع تباين الافراد بالهوية، كالشمس والنار، حيث إنهما متباينان بالهوية مع اشتراكهما في الأثر وهو التسخين، فالتخيير بين المباشرة والاستنابة لابد ان يكون شرعيا.
وربما يتوهم: ان الاستنابة ترجع إلى التسبيب، وان المنوب عنه يكون سببا لوقوع الفعل عن الفاعل الذي هو النايب والفعل يستند إليه بتسبيبه.
وفيه ان ضابط باب التسبيب، هو ان لا يتوسط بين السبب وبين الأثر إرادة فاعل مختار تام الإرادة والاختيار، كفتح قفص الطائر الذي يكون سببا لهلاك الطير وامر الصبي الغير المميز، فان الفعل في مثل هذا يستند إلى السبب دون المباشر، وأما إذا توسط في البين إرادة فاعل مختار فالفعل انما يستند إلى المباشر دون السبب كما في المقام، حيث إن الفعل يستند إلى النائب دون المنوب عنه الا بعناية و تسامح كما في بنى الأمير المدينة. فجعل باب الاستنابة من صغريات باب التسبيب كما يظهر من بعض الكلمات مما لا وجه له، بل الاستنابة هي باب على حدة وعنوان مستقل وتكون في موارد جوازها أحد فردي التخيير الشرعي هذا.