الوظيفة المقررة للشاك في مقام العمل هو البناء على طهارة مشكوك الطهارة والنجاسة، مع كون حالته السابقة هي الطهارة، فيخصص هذه الوظيفة بما عدى مورد قيام الأمارة على خلافها، كما تخصص الأحكام الأولية بما عدى مورد الضرر والحرج وأمثالهما، لأن نتيجة الحكومة هو التخصيص إلا أنه بلسان الشارحية الموجبة لعدم صدق التعارض بين الدليلين، من جهة عدم التنافي بين الشارح والمشروح.
لا يقال: كما أن دليل اعتبار الأمارة مقتضاه إلقاء احتمال الخلاف الذي هو موجود مع قيام الأمارة وجدانا، فلابد من أن يكون المراد به إلقاء حكم احتمال الخلاف، وهي الوظيفة المقررة للشاك في مقام العمل، فكذلك دليل اعتبار الأصل ك " لا تنقض اليقين بالشك " مقتضاه إلقاء احتمال الخلاف، لانه خبر عدل يجب تصديقه، ومعنى وجوب تصديقه، هو إلقاء احتمال خلافه، واحتمال الخلاف لما كان موجودا وجدانا، فلابد من أن يكون المراد إلقاء حكم احتمال الخلاف، وهو الحكم المجعول بالأمارة، فمقتضى دليل اعتبار الأمارة هو إلقاء حكم احتمال الخلاف، أعني الوظيفة العملية المقررة للشاك التي هي عبارة عن الأصل، ومقتضى دليل اعتبار الأصل هو إلقاء حكم احتمال الخلاف، أعني الحكم المجعول بالأمارة فيتعارضان.
لأنه يقال: إن الأمارة لما كان مؤداها هي النجاسة الواقعية، فمعنى إلقاء احتمال خلافها هو إلقاء احتمال عدم النجاسة واقعا، ومعنى إلقاء احتمال عدم النجاسة واقعا هو إلقاء حكم احتمال الخلاف الذي هو عبارة عن الحكم المجعول بالأصل، فإلقاء احتمال الخلاف في طرف الأمارة يرفع حكم المجعول بالأصل، إذ كما أنه لو أحرزت نجاسته واقعا بالعلم يرتفع موضوع الأصل، وهو الشك في الطهارة والنجاسة، كذلك لو أحرزت النجاسة بالأمارة المعتبرة يرتفع حكم الأصل، وهو البناء على طهارة ما شك في طهارته ونجاسته، مع كون حالته السابقة هي الطهارة، ولما كان مؤدى الأصل هي الطهارة الظاهرية عند الشك في طهارة